شدّد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال لقائه في المجلس الاقتصادي الاجتماعي على انّ توزيع الخسائر يجب ان يطال الجميع، وأقل خسائر يجب أن يتحمّلها المودع، كاشفاً عن انّ هناك دراسات قيد الإعداد بشأن سبل تحديد خيارات للمودع، على ان يختار منها ما يناسبه اذا كان يريد ان يسحب وديعته راهناً، او ان يفضّل الانتظار 20 عاماً لتعود كاملة. فما هي هذه الخيارات وهل تناسب المودع الذي تحمّل وحيداً حتى الآن الخسائر الاقتصادية منذ اندلاع الأزمة؟
في هذا الإطار، اعتبرت مصادر متابعة لـ«الجمهورية»، انّ كل ما يُطرح اليوم في اطار خطة التعافي لا يزال في إطار جسّ النبض والافكار، وان لا شيء نهائياً حتى الآن. وكشفت، انّ من الحلول المطروحة تقسيم الودائع الى شطور. فالودائع الصغيرة قد تُعاد الى اصحابها «فريش» على مراحل، ربما خلال 5 سنوات بطريقة مشابهة للتعميم 158، أما الودائع المتوسطة فسيُطرح امام المودع خيارات، إما أن يأخذ وديعته كاملة مع إخضاعها لهيركات معيّن لم تُحدّد نسبته بعد، انما كلما كانت رغبة المودع بالحصول على وديعته في فترة قصيرة كلما كان الهيركات أكبر. على سبيل المثال، وديعة بـ100 الف دولار يمكن إعادتها راهناً بهيركات 80% اي إعادتها 20 الف دولار نقداً، بعد 10 سنوات بهيركات 30 في المئة، اي تُعاد 70 الف دولار نقداً، او بعد 20 عاماً تُعاد كاملة اي 100 الف دولار. كذلك من أحد الخيارات المطروحة على المودع، منحه استثمارات او حصة في شركات مملوكة للدولة على شكل اكتتابات بأسهم، انما بشكل ريعي، اي لا يتملكّها المواطن انما تبقى للدولة ويحصل بنتيجها على ارباح. كذلك هناك افكار مطروحة بتحويل الودائع الضخمة على شكل bail in في المصارف، وذلك بعد احتساب قيمة رساميل المصارف ونسبة تقلّصها.
وفي هذا السياق، أكّدت المصادر انّ عدداً من اصحاب المصارف في لبنان بدأوا منذ فترة بمحادثات مع مصارف اجنبية وعربية ليدخلوا كشركاء لهم، من خلال بيعهم حصة في مصارفهم، مقابل ان يضخّوا فيها اموالاً جديدة، على ان تبقى حصة اصحاب المصارف موجودة انما بنسبة معينة.
ورأت المصادر، انّه صحيح انّ هناك اقتراحات عدة مطروحة اليوم، انما جميعها تشكّل خطراً على ودائع الناس التي لا يمكن لأحد إرجاعها كما كانت. فعلى سبيل المثال، قول الرئيس ميقاتي انّ من احد الخيارات المطروحة إعادة الودائع كاملة بعد 20 عاماً غير منطقي، لأنّ بعد هذه الفترة تكون قيمة الاموال تبخّرت حتى لو كانت الوديعة بالدولار. فمن المعلوم انّ الاقتصاد يسجّل تضخماً سنوياً في كل دول العالم، وانّ اسعار السلع تزيد سنوياً ما بين 2 الى 5%، وحالياً اكبر اقتصادات العالم تعاني من التضخم ابّان جائحة كورونا بنتيجة ضخ سيولة من دون انتاج، فكيف الحال بعد 20 عاماً، بحيث من اراد ان يسحب وديعته حينها تكون فقدت تلقائياً من قيمتها ما بين 50 الى 60%، عدا عن انّ لا ضمانات بأنّها ستعود بعد تلك الفترة؟
كذلك تساءلت المصادر، عمّا اذا كانت المصارف اليوم قادرة على اعطاء المودعين كل اموالهم اذا ذهبوا باتجاه خيار الحصول عليها راهناً، انما مع هيركات. بالأرقام، يبلغ حجم ودائعنا اليوم 108 مليارات دولار، موجودات مصرف لبنان تبلغ 13.5 مليار دولار، ولدى المصارف بحدود 30 مليار دولار في السوق تجبيها من المودعين، اما وفق دولار 1500 ليرة او 3990 ليرة. فلنفرض انّ المصارف تجبي ما قيمته 5 مليارات دولار منها، يُضاف اليها بحدود المليارين او الثلاثة مليارات دولار في المصارف الخارجية، وبمجموع هذه الاموال يتبين بأحسن الاحوال انّ لدينا 23 مليار دولار فعلياً، بينما المطلوب 108 مليارات دولار، وتُظهر هذه الارقام حجم الفجوة التي تبلغ بحدود 80 مليار دولار، وهذا ما يفسّر كلام حاكم مصرف لبنان في إحدى مقابلاته التلفزيونية، حيث اشار الى انّه يجري العمل حالياً على إعادة تكوين الودائع، ما يعني انّ هذه الودائع ما عادت موجودة.
ورأت المصادر انّه «حتى الآن يبدو انّه لا يُعوّل على خطة التعافي الاقتصادي التي تعّدها «لازارد»، إذ كيف يمكن ان يعتبر رئيس الحكومة انّ بعض النقاط الواردة في الخطة غير منطقية وغير قابلة للتطبيق، لذا طلب من «لازارد» تغيير اسلوب عملها، ما يعني انّ الخطة لن تكون شفافة؟ كذلك، كيف يمكن التعويل على مستشار غبّ الطلب؟ إذ في حكومة حسان دياب قدّم حجم خسائر معينة، واليوم مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيغيّر طريقة احتسابه للخسائر، ما يطرح شكوكاً في تقاريره وخططه، متسائلاً اين موقفه التقني والفني من الموضوع؟».