25 ألف دولار في حزيران.. من يُراهن؟

لا تزال مبادرة «إراحة اللبنانيين»، والتي تهدف الى «تسديد تدريجي للودائع»، كما جاء في البيان الذي أصدره مصرف لبنان للإعلان عن هذه المبادرة، مثار اهتمام ومتابعة من قِبل اكثر من مليون مودع سوف تشملهم خيرات هذا الاقتراح. لكن التعويل على الدولارات الموعودة، يحتاج الى الردّ على مجموعة اسئلة…

من أين سيتأمّن مبلغ الـ11 مليار دولار، وهي الكلفة التقديرية التي وضعها مصرف لبنان لإنجاز عملية ردّ الودائع بالدولار الطازج؟

هناك اجتهادات عدة في عملية التكهّن بمصدر التمويل. الكلام الرائج في هذه الفترة، انّ المبلغ سيتأمّن مناصفة بين المركزي والمصارف التجارية. هذا التوضيح يحتاج بدوره الى توضيح، إذ من اين ستؤمّن المصارف الـ5,5 مليارات دولار، اذا كانت عاجزة عن تأمين متطلبات اقتراح قانون الكابيتال كونترول للسماح للمودعين بسحب بضع مئات الدولارات من حساباتهم الدولارية؟ البعض رأى انّ المصارف قد تلجأ الى الودائع التي كوّنتها لدى المصارف المراسلة تطبيقاً للتعميم 154. ولكن هذا التوضيح يحتاج ايضاً الى توضيح. أولاً، من المعروف انّ المصارف لم تنجح كلها في تكوين الودائع، وبالتالي مجموع هذه الودائع قد لا يتجاوز نصف المبلغ المطلوب لتنفيد مبادرة إراحة اللبنانيين.

وثانياً، هذه الودائع وظيفتها الحفاظ على العلاقات قائمة مع المصارف المراسلة، وضمان وجود احتياطي صالح للاستخدام في تنفيذ أي خطة انقاذية يتمّ الاتفاق عليها في المستقبل.

وأخيراً، هل من المسموح استخدام هذه الاموال التي تمّ جمعها من مودعين لبنانيين وافقوا على تنفيذ التعميم 154، على عكس كثيرين سواهم ومن ضمنهم المكشوفين على السياسة (PEPs)؟ وهل مسموح الانقلاب مرة جديدة على العقود التي وقّعتها المصارف مع هؤلاء، وتعهّدت فيها بإبقاء هذه الودائع مُحرّرة من أي قيود في المصارف المراسلة، حسب متطلبات تعميم مصرف لبنان؟ وهل سنقول للمودعين، ما تواخذونا، ضحكنا عليكم مرة ثانية؟

والأهم انّ موعد الرفع التدريجي لقانون الكابيتال كونترول يرتبط بمندرجات الخطة الإنقاذية التي تحدّد الزمان الذي يفترض ان تكون الثقة بالقطاع المالي قد عادت جزئياً على الأقل. ورفع الكابيتال كونترول بالكامل يتمّ عندما يتبيّن انّ النسبة الاكبر من المودعين، لن يتوجّهوا الى صناديق المصارف لسحب ودائعهم ونقلها الى الخارج او الى المنازل، بل سيبقون على ودائعهم في المصرف، لأنّهم باتوا يثقون بأنّ وديعتهم مضمونة. فهل ينطبق هذا التوصيف على مندرجات «مبادرة إراحة اللبنانيين»؟

من المستغرب أن يهلّل خبراء من الداخل والخارج لخطة توزيع الاموال في اطار اعادة جزء من الودائع، ويعتبرون انّها خطوة في الاتجاه الصحيح. الأهم في هذا الموضوع، ماذا سيكون مصير لبنان واللبنانيين بعد توزيع كل هذه الاموال، من دون خطة ولا من يخطّطون؟

 

مصدرجريدة الجمهورية - أنطوان فرح
المادة السابقة“دعم الدواء”… هل أصبح المستوردون والمحتكرون خارج نطاق الرقابة؟
المقالة القادمةعراجي: شركات الأدوية ستتمكن من تأمين الدواء لمدة شهرين