قال خبراء في التمويل الإسلامي، إن العمل على 3 مسرعات رئيسية سيعيد جاذبية الصكوك للمستثمرين، ويرسم ملامح نمو قطاع التمويل الإسلامي خلال المرحلة المقبلة:
وهي الأدوات المالية الاجتماعية، وتبسيط إجراءات إصدار الصكوك، بالإضافة إلى زيادة التعاون بين التكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا المالية لا سيما في إصدار الصكوك والامتثال للوائح التنظيمية، مشيرين إلى أن هذه الأمور تعد «جوهرية».
وأشار الخبراء إلى أن تركيز القطاع على القواسم المشتركة بين الصكوك من جهة، والاستثمارات المسؤولة ESG خصوصاً لجهة مبادئ الاستدامة، التي يركز عليها كل منهما يعزّز إصدارات الصكوك وجذب شرائح جديدة للقطاع في المرحلة المقبلة.
جاء ذلك خلال «اللقاء السنوي للتمويل الإسلامي لعام 2020»، الذي عُقدت نسخته العاشرة افتراضياً، بتنظيم من وكالة «إس آند بي جلوبال» للتصنيفات الائتمانية، بالتعاون مع مركز دبي المالي العالمي، ومركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، وبدعم من القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي.
وناقش محللو «إس آند بي جلوبال» للتصنيفات الائتمانية وأبرز قادة القطاع توقعاتهم لقطاع التمويل الإسلامي في عامي 2020 و2021، وبحثوا تداعيات جائحة فيروس (كوفيد 19) وفرص النمو الممكنة في القطاع من خلال الإدارة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، بالإضافة إلى اعتماد التكنولوجيا المالية، وتوحيد المعايير.
وعبر الدكتور محمد دمق، الرئيس العالمي للتمويل الإسلامي لدى وكالة «إس آند بي جلوبال» للتصنيفات الائتمانية خلال اللقاء عن اعتقاده بأن الأدوات المالية الاجتماعية في قطاع التمويل الإسلامي يمكن أن تساعد الدول الأساسية في القطاع، والبنوك، والشركات، والأفراد المتأثرين اقتصادياً بالتداعيات السلبية للجائحة، مع تطلع المشاركين في السوق للاستفادة من أدوات كالقرض الحسن، والزكاة، والوقف، والصكوك الاجتماعية.
كان البنك الإسلامي للتنمية أول من تحرك بهذا الاتجاه، من خلال إصدار صكوك مستدامة بقيمة 1.5 مليار دولار، والتي بحسب تقارير ستستخدم عائداتها، لمساعدة الدول الأعضاء في البنك لمواجهة آثار الجائحة، وعلى وجه الخصوص قطاعا الرعاية الصحية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وقال دمق: «نتوقع إصدارات أخرى مشابهة في الدول الأساسية للتمويل الإسلامي، والتي نعتقد أنها من الممكن أن تساعد في عودة قطاع التمويل الإسلامي إلى دائرة اهتمام المستثمرين، الذين يدعمون الأهداف البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات».
البلوك تشين
وأوضح دمق أن توظيف تقنية بلوك تشين يمكن أن تحل 3 مشاكل تواجه الصكوك، وهي قابلية تتبع عملية إصدار الصكوك بشفافية، وثانياً إمكانية تتبع أداء الصكوك وحجم التدفقات النقدية وأداء الصكوك، وثالثاً تتبع هوية المستثمرين وتعريفهم عند تداول الصكوك وهو ما يعزز من سيولة التداولات بالنتيجة.
وأضاف: «يمكن أن تستفيد الأسواق من تطبيق البلوك تشين، التي تخفض من تكلفة الإصدار كذلك، وهو ما نتوقع حدوثه في المستقبل لأن التقنية تسهل من عملية الإصدار وتعزيز ثقة المستثمرين وجذب المزيد منهم، خصوصاً أن التقنية يتم استخدامها في أدوات تمويل أخرى».
الصيرفة الإسلامية
وحول مدى تأثر البنوك الإسلامية مقارنة بنظيراتها التقليدية بأزمة (كوفيد 19)، قال دمق: «تأثرت بالطريقة نفسها، التي تأثرت فيها البنوك التقليدية، في حين أن انكشاف البنوك الإٍسلامية على القطاع العقاري، وعدم قدرتها على فرض رسوم تأخير على الأقساط وزيادة تكلفة المخاطر قد يشكل عبئاً إضافياً، وهو ما سيؤثر سلباً على الأرباح، ولكن لا نتوقع حدوث خسائر في قطاع البنوك في الخليج بشكل عام إلا أننا نتوقع أن يكون نمو أرباح البنوك ضعيفاً هذا العام».
إطار عالمي
من جانبه أكّد عبدالله العور، المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي أن إيجاد إطار قانوني وعالمي موحّد لإصدار الصكوك سيؤدي إلى تعزيز حجم قطاع التمويل الإسلامي في العالم. وأضاف أن المركز يعمل عن قرب مع شركاء استراتيجيين محليين وعالميين مثل مركز دبي المالي العالمي وسلطة دبي للخدمات المالية لتبادل الخبرة وتعزيز الابتكار والبنية التشريعية لإصدار الصكوك، بهدف جذب المزيد من المستثمرين العالميين.
وأضاف: «نسعى لتطبيق الاستدامة وكيف يمكن لمفهوم الاستدامة في تعزيز نوعية الحياة والمشاركة في توفير مبادئ موحدة وتشكيل النظام البيئي، الذي يمكن أن يمكن أن يزدهر فيه الابتكار بأمان، ويمكن لمعيار دولي واحد بلا حدود، تمكين الاقتصاد الإسلامي من توسيع نطاق نجاحه».
وتوقع العور أن تشكل إصدارات الصكوك جزءاً رئيسياً من حجم التمويل الإسلامي المتوقع أن يسجل 3.5 تريليونات دولار بحلول 2024 حسب تقرير الاقتصاد الإسلامي 20/ 21 المتوقع إصداره قريباً. وأضاف: «يجب التأكيد على أن صدارة دولة الإمارات للعديد من القطاعات الحيوية في الاقتصاد الإسلامي، وعلى رأسها التمويل الإسلامي يؤهلها لريادة جهود التعاون والتكاتف مع مختلف دول العالم، لاستئناف كل مسارات التنمية الاقتصادية المستدامة لخير الإنسانية».
الاستثمار المسؤول
وتوقع عبد القادر حسين، رئيس قسم إدارة أصول الدخل الثابت في «أرقام كابيتال» زيادة طلب المستثمرين على الصكوك التي تلبي معايير الاستثمار المسؤول ESG، وذلك خلال السنوات الثلاث المقبلة، مشيراً إلى أن تلك النظرة لم تكن موجودة قبل سنتين.
تباطؤ النمو
توقعت وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» تباطؤ نمو قطاع التمويل الإسلامي بشكل ملحوظ في الفترة بين 2021-2020.
وذلك بعد أن حقق القطاع نمواً قوياً في العام 2019، بدعم من سوق الصكوك الذي كان أكثر حيوية، ويفسر هذه التوقعات التباطؤ الملحوظ في اقتصادات الدول الأساسية للتمويل الإسلامي في 2020 نتيجة الإجراءات التي اتخذتها العديد من الحكومات لاحتواء “كوفيد 19” وتوقعات تحقيق انتعاش معتدل في 2021.