أربعة اقتراحات قوانين تتناول صحة المواطن ومن ضمنها إقتراح يطلّ على حقوق المرأة من الشباك الصحي، أدرجها رئيس مجلس النواب نبيه بري على جدول أعمال جلسة اللجان النيابية المشتركة، التي ستعقد اليوم الاربعاء. على ماذا تنصّ إقتراحات هذه القوانين وما مدى إمكانية إقرارها؟، وهل ستشكل مدخلاً للأزمة الصحية التي يعاني منها المواطن اللبناني؟
يشرح رئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبدالله، لصحيفة «نداء الوطن»، «أهمية كل اقتراح وضرورة إقراره لما يعود بالفائدة على المواطن، وبالذات على الصعيديْن الصحي والدوائي.
يبدأ عبدالله باقتراح القانون الرامي إلى إنشاء نظام رعاية صحية أولية شاملة إلزامية، موضحاً أنّ «هذا المشروع، وبعد محاولة طرحه على مجلس النواب لأكثر من مرة منذ سنوات عديدة، عُرض على رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أحاله مباشرة على اللجان المشتركة، ولم يحله على لجان الاختصاص كما تجري العادة، نظراً لما له من أهمية».
ويتابع: «هذا المشروع يطلق عليه المواطنون إسم «البطاقة الصحية»، لكن الإسم الأصح هو «نظام التغطية الصحية الشاملة». هو عبارة عن نظام لا يغطي الصناديق الضامنة، إلا أنه يخص كافة المواطنين الذين ليس لديهم تغطية صحية، ومن المقرر أن يكون مفتوحاً على كافة القطاعات في المستقبل. على الصعيد الإداري، ستكلّف هيئة مشتركة بين وزارتي الصحة والمالية وأصحاب الإختصاص والنقابات المهنية بمهمّة إدارته. أما على صعيد التنفيذ فسيتم بالتأكيد اللجوء إلى الشركات المتخصصة التي تستطيع إدارة هكذا نظام صحي مالي».
مصادر التمويل
ويضيف عبدالله: «الهدف خلف هذا القانون هو تأمين الحد الأدنى من الأمن الصحي والدوائي للمواطن اللبناني، توازياً مع إعادة النشاط والحيوية إلى نظامنا الصحي الداخلي، خصوصاً بعد تدهوره على خلفية الأزمة التي يمرّ فيها البلد».
وعن مصادر التمويل، يشير عبدالله إلى أن «النظام هذا مبني على مساهمة مالية من قبل الدولة والمواطن معاً اللذين سيساهمان في الموارد الأساسية له. كذلك، ستفرض ضرائب نوعية مختلفة من شأنها تأمين مداخيل ثابتة لهذا النظام وتشكّل مصدر تمويله الأساسي من أجل إعادة تأمين نوعية عالية من التغطية الصحية والدوائية للمواطن، مثل الضريبة على الدخان وعلى المشروبات الروحية والطاقة وعلى شركات تحويل الأموال، وعلى الثروة وهذه جديدة في لبنان. أما نسبة التغطية والجزء الذي ستساهم فيه الدولة، فيحددهما التوازن المالي. في السابق، كان يحدّد مبلغ كبير تسدده الدولة كاملاً لتأمين هذه الخدمة، إلا أن هذه المرّة الأمر مختلف».
ويكشف «أن اللجنة تسعى إلى أن يصبح هذا النظام بديلا للتأمين الصحي الذي تتكفل به شركات التأمين الخاصة وتحقق أرباحاً كبيرة منه. بذلك نحافظ على المداخيل، إذ تحوّل الضريبة التي تجنيها الدولة إلى نظام يؤمّن خدمة صحية أفضل له»، ويأمل عبدالله في أن «يتحلّى المعنيون كافةً بالحس الإنساني، ويساهمون في إقرار هذا المشروع لأن المواطن اللبناني يتحمّل الكثير من الأعباء الصحية إن لناحية الدواء أو الإستشفاء».
أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية
أمّا إقتراح القانون الرامي إلى تأمين مساهمة مالية لصالح وزارة الصحة العامة، فيلفت عبدالله إلى أنّ «هذا مشروع مقترح منذ فترة، إلا أنه لم يكن مدرجاً على جدول الأعمال. وهو مخصص لدعم أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية للسماح لوزارة الصحة بالإستمرار في تغطية هذه الأدوية»، ويؤكّد «ضرورة وأهمية تأمين الإعتمادات اللازمة لهذا المشروع من قبل الدولة، حيث أنّ صحة المواطن على المحكّ ولا يمكن التساهل بهذا الأمر».
نظام مرتبط بالحماية الإجتماعية
وعن متابعة درس مشروع القانون الوارد في المرسوم 13760 الرامي إلى تعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي وإنشاء نظام التقاعد والحماية الإجتماعية، يشير عبدالله إلى أنه «مرتبط بنظام الحماية الإجتماعية»، لافتاً إلى أن «هذا الملف تمّت مناقشته 3 مرات في اللجان المشتركة. وحققنا إنجازاً كبيراً فيه بعد دراسته على مدى عامين، حيث توصّلنا إلى نظام حضاري، أي نظام هجين ما بين الرسملة والتوزيع. فالغاية من نظام التوزيع حفظ حقوق الطبقات الفقيرة، أما نظام الرسملة فيأتي من أجل حث أصحاب المداخيل الكبيرة على الأخذ بهذا النظام».
ويتحدّث عبدالله عن مزايا المشروع، معتبراً أنه «نظام تمت صياغته بطريقة علمية أخذت في الإعتبار التعديل بأداء الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي بتركيبته وهيكليته وبنيته، وفي الوقت نفسه حسن استثمار أموال الصندوق من أجل الحفاظ على التقديمات الإجتماعية، لا سيما تلك التي لها علاقة بالتقاعد، حيث أنّ تقاعد الأجير أو العامل أو الموظف المتعاقد كان حلماً يراود جميع اللبنانيين. إستناداً إلى الخطّة الموضوعة، يمكن أن يسمح هذا النظام ببدء تأمين حد أدنى من الأمن الإجتماعي للمواطن بعد سنتين من دخوله حيّز التنفيذ».
مشروع التقاعد
وفي هذا السياق، يعتبرالمدير العام للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي د. محمد كركي أن المشروع الأبرز هو «مشروع التقاعد والحماية الإجتماعية. وهو يعدّ من أهم المشاريع الإجتماعية التي ستقرّها الدولة اللبنانية»، كاشفاً أنه «منذ السبعينات كانت تطرح مشاريع ضمن هذا الإطار، وفي كل مرة كان يتم سحبها من دون الوصول إلى إقرارها. مساعي إقرار المشروع الحالي بدأت في العام 2002، وفي كل مرة كان يتم إدخال تعديلات عليه. في العام 2004 أنهيت صياغته النهائية، وفي بداية الـ 2005 أنجز في مجلس الوزراء. وللأسف كلما تعاقب الوزراء ومعهم التعديلات في اللجان النيابية أعيد العمل عليه من جديد. ومنذ حوالى الثلاث سنوات، تم إنشاء لجنة فرعية برئاسة الوزير السابق نقولا نحاس لدرس المشروع ووضعت كل التعديلات اللازمة عليه، مع الأخذ بمختلف تجارب منظّمة العمل الدولية، وملاحظات البنك الدولي وغيرهما. وتم العمل على المشروع لحوالى سنة قبل صدور صيغته النهائية الحالية. وإذا تمت الموافقة عليه اليوم الأربعاء من قبل اللجان المشتركة سيحال إلى الهيئة العامة لإقراره، ونأمل تحقيق هذا الإنجاز بعد أن أشبع النظام درساً وبات من المفترض إدخاله حيّز التنفيذ».
ويضيف كركي في حديث مع «نداء الوطن»: «تبقى بعض الملاحظات التفصيلية فقط بحاجة إلى البحث، لكنها ليست مرتبطة بالأساس بل بالحكومة، نظراً إلى التطورات المالية في السنوات الأخيرة، إذ ان موجودات الضمان الإجتماعي كانت تساوي حوالى 8 مليارات دولار ما كان يجعل طريقة توظيفها بحاجة إلى لجان متخصصة. أما اليوم فاختلفت الأمور كلياً، وكل موجودات الضمان 30 ألف مليار ليرة لبنانية أي حوالى 350 مليون دولار. بالتالي، فان بعض الأمور بحاجة إلى تعديلات بسيطة، وحسب ما وردني أن كل الجهات المعنية في مجلس النواب أرسلت الملاحظات اللازمة على أمل الانعقاد والتوصل إلى خلاصات وإنجاز هذا المشروع».
العطاءات ليست سخية
ويرى كركي أن «أهميته المشروع تكمن في أن تعويضات نهاية الخدمة لم تعد ذات قيمة بعد تدهور العملة اللبنانية. فهذا القانون يكمّل قانون الضمان الصحي مدى الحياة الذي أقر عام 2017، والذي يستفيد منه اليوم ما يقارب 30000 شخص. بالتالي، هذا المشروع يتعلق بشق إعطاء المواطن معاشاً تقاعدياً مدى الحياة، ينتقل في حالات الوفاة أو العجز إلى العائلة ضمن شروط محدّدة. العطاءات لن تكون سخية، إلا أنها بالتأكيد أفضل بكثير من تلك التي تعطى حالياً وأكبر منها بثلاثة أضعاف على الأقلّ، وهذا العنصر أساسي لتحقيق الإستقرار الإجتماعي».
مداخيل إضافية للضمان
ويكشف كركي أن «هذا النظام سيأتي بمداخيل إضافية للضمان لأنه يشمل الأجراء وأصحاب العمل في القطاعين العام والخاص الخاضعين حالياً للضمان، إلى جانب الذين سيخضعون له في المستقبل. إلى ذلك، هو يخوّل فئات جديدة الإشتراك منها غير الأجراء من اللبنانيين القاطنين في لبنان وخارجه، ويمكن لهؤلاء الإختيار بين سقف من أصل أربعة لإشتراكاتهم، تكون قيمة التعويضات النهائية مرتبطة باختيارهم».
ويختم، «صحيح أن وضع البلد متجه إلى الإنحدار والإفلاس، إلا أننا نضع هذا القانون كأساس يسمح للمواطن بالحصول على معاش تقاعدي وضمان الإستقرار الإجتماعي في السنوات المقبلة»، متمنياً «التوافق على الملاحظات وإنجاز المشروع لأن من حق الشعب اللبناني الحصول على نظام تقاعد وحماية إجتماعية».
قانون لإنصاف المرأة في «الضمان»
بالنسبة إلى إقتراح القانون الرامي إلى تعديل بعض مواد قانون الضمان الإجتماعي المتعلقة بالمرأة وأولادها (المرسوم رقم 13955 الصادر في 26/9/1963)، يوضح النائب بلال عبدالله أن «هذا الإقتراح مرتبط بزيادة حق النساء العاملات في ضمان عائلاتهم وأولادهم».
أما صاحبة إقتراح القانون، رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية النائبة عناية عز الدين، فتشرح الأسباب التي دفعتها إلى تقديمه، وتقول لـ «نداء الوطن»: «من بعد القيام بجردة على القوانين التي تميّزت بالتشريع ضد المرأة، ومن ضمنها قانون الضمان الإجتماعي تقدمت بإقتراح قانون من أجل تعديل المواد التي فيها تمييز. الإقتراح الأساسي كان يتضمن إضافة لفئات جديدة من النساء، إلّا أن الضمان الإجتماعي لم يقبل بها على إعتبار أنّ لا إمكانية مادية كافية للدولة لتغطية هذا الإقتراح». وتكشف أنّ «المواد التي تتضمن تمييزاً واضحاً ضد المرأة إقترحنا عليها عدة تعديلات وتمّت مناقشتها باللجنة، وتم تعديل ما يجب تعديله، إلا أن هناك بعض البنود التي تحفظ عليها الضمان لإعتقاده أنه من الممكن أن تشكل عبئاً إلا أنها بنود بسيطة.على سبيل المثال: إذا تسجلت المرأة بالضمان لا يُمكنها الإستفادة من التقديمات إلّا بعد 10 أشهر مقابل 3 أشهر للرجل»، وفي ختام حديثها تأمل عزالدين في أن «يُقرّ هذا القانون لما قد يُحققه من مساواة بين المرأة والرجل».