من هو المسؤول الأول عن التلاعب بالعملة الوطنية؟ ما مصير اللبنانيين حين سيلامس الدولار الأميركي عتبة المئة ألف ليرة؟
أسئلة كثيرة وأجوبة مفقودة، لكنّ المؤكد منها أن كبار الصرافين غير الشرعيين، المتهمين بالمضاربة على العملة الوطنية، يتمتعون بتغطية سياسية كبيرة. وليس غريباً أن الأجهزة الأمنية التي داهمتهم لم تتمكن من ضبط مبالغ هائلة. إذ تبين بعدها أنهم هرّبوا أموالهم فور حصولهم على اللائحة التي تضم أسماء المطلوبين إلى التحقيق، حتى قبل أن تُعمم على الأجهزة الأمنية. كيف ذلك؟ لا أحد يعلم.
لائحة طويلة
داخل مكتب مكافحة الجرائم المالية، تستمر التحقيقات مع مجموعة كبيرة من الصرّافين قبل اتخاذ قرار إخلاء سبيلهم تباعاً بكفالة 50 مليون ليرة لبنانية. ففي الأسابيع الماضية، هرب الصرافون من الشوارع، وتواروا عن الأنظار حوالى ثلاثة أيام، وذلك بعد إصدار المدعي العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، قراره بملاحقة المضاربين على العملة الوطنية. فجهز النائب العام المالي، القاضي علي ابراهيم، لائحة طويلة تضم حوالى 40 اسماً لكبار الصرافين غير الشرعيين، الذين علموا بها قبل تعميمها على الأجهزة الأمنية بعد تسريبها إليهم من “جهات مجهولة”، فهرّبوا أو خبأوا الأموال وسلّموا أنفسهم لفرع المعلومات، وكأن شيئاً لم يكن، فلا وجود لأي دليل يدينهم. وهم يتعاملون بملايين الدولارات في السوق السوداء، التي لا أحد يعلم أين هي.
مراهنات رياضية
برزت أسماء كثيرة ومن بينها الصرّاف علي نمر الخليل، الذي عرف على وسائل التواصل الاجتماعي بـ”علي الله” حين انتشرت مقاطع صوتية لصرافين في الفترات الماضية يطالبونه بالتوقف عن خفض الدولار الأميركي. وحسب مصدر قضائي لـ”المدن”، فإن الموقوف علي نمر الخليل وأكثر من 20 صرافاً يخضعون للتحقيق أمام جهاز أمن الدولة. إذ اكتشفوا بعد التفتيش بهواتفهم المحمولة كيفية تعاملهم مع مواقع ألعاب “البوكر أون لاين” والمراهنات الرياضية التي يجنون منها آلاف الدولارات.
أحذية ومكسرات!
ينتشر الصرافون في الشوارع بشكل عشوائي، فهم لا يملكون محلات للصيرفة ليتم مداهماتها، ولكن بعد مراقبتهم من قبل الأجهزة الأمنية، تبين أنهم يملكون محلات لبيع الثياب والأحذية والهواتف الخلوية، وتجارات أخرى.
فداهموا الأسبوع الماضي محلات لبيع الألبسة والأحذية وأخرى لتصنيع المكسرات وبعض محلات تحويل الأموال داخل وخارج الأراضي اللبنانية، والتي يعمل البعض منها بالصيرفة “بطرق غير قانونية”.
وحسب المصدر القضائي، فإن التحقيقات مستمرة ولم تنته بعد، ويصل عدد الموقوفين إلى أكثر من 40 شخصاً، ولكنهم يتوزعون على أجهزة أمنية مختلفة. هذا وقد أخلي سبيل العديد منهم بكفالة مادية، وسيجرى إخلاء سبيل باقي الموقوفين تباعاً، على أن يتم تحويل علي نمر الخليل وباقي الصرافين من جهاز أمن الدولة إلى القاضي علي ابراهيم في الأيام المقبلة.
بعض المطلعين على الملفات القضائية يحاولون توصيف الوضع الاقتصادي والأمني والقضائي، بالقول: “دخلنا النفق المظلم ولا نعلم أين المخرج”. وتداعيات الانهيار الاقتصادي ستبقى تلاحق اللبنانيين، ولا أفق واضحاً للأيام المقبلة. ومع شحّ الملفات القضائية بعد “تنويم” ملف تفجير المرفأ، ينتظر أن يعقد قاضي التحقيق الأول في بيروت، شربل أبو سمرا، جلسة يوم الأربعاء 16 شباط، مخصصة لاستجواب مدير الميناء أيمن كركر، والوكيل البحري غسان قمري.