48 مليار ليرة إضافية لسداد فواتير دعم القمح

في جلسة المجلس الأخيرة، أقرّت سلفة خزينة بقيمة 48 مليار ليرة لتسديد فواتير دعم القمح الناتجة من فروقات أسعار الصرف المختلفة التي خُلقت أيام حاكم مصرف لبنان المتهم بالاختلاس رياض سلامة. فقد استوردت المطاحن القمح بالعملة الأجنبية، وباعته في السوق المحلية بالليرة وفقاً لسعر صرف يبلغ 1515 ليرة مقابل الدولار، بينما كان السعر السوقي للصرف أعلى بكثير.

سيُدفع مبلغ السلفة (أكثر من نصف مليون دولار) لمطحنة «الدقيق الوطنية» التي استوردت شحنتي قمح قيمتها الإجمالية 3.6 ملايين دولار في مطلع عام 2023. يومها، باعت «الدقيق الوطنية» القمح المستورد للأفران لصناعة «الرغيف العربي» عندما كان دولار القمح مدعوماً، أي على السعر الرسمي القديم 1515 ليرة لكل دولار.

وتعود قصّة «الدقيق الوطنية» إلى مطلع عام 2023 حين طلبت وزارة الاقتصاد من المطاحن استعمال مخزونها من القمح، وبيعه في السوق تفادياً لوقوع أزمة رغيف. إثر هذا الطلب لبّت 4 مطاحن طلب الاقتصاد، ومدّت الأفران بالطحين المدعوم، وهي: الجنوب الكبرى، والمطاحن الحديثة، وشبارق، والدقيق الوطنية. وعندما حان موعد الدفع، قامت المطاحن الأربعة بإرسال أموالها بالليرة إلى المركزي لتبديلها بالدولار على أساس سعر الصرف عند الاستيراد، أي 1515 ليرة لكل دولار. لكن، في شباط 2023، رفع الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة سعر الصرف من 1515 ليرة لكلّ دولار، إلى 15 ألف ليرة، ما أوجب على المطاحن التي باعت القمح على أساس سعر الصرف القديم، أن تقوم بإحضار المبالغ بالليرة إلى المركزي على السعر الجديد، 15 ألفاً، لتحويلها إلى الدولار. «وهذا يعني خسارة، قيمتها 10 أضعاف»، بحسب رئيس نقابة أصحاب المطاحن أحمد حطيط. لذا، «اعترضت مطاحن الجنوب الكبرى، والحديثة، وشبارق، ولم ترض بقبض مستحقاتها على أساس السعر الجديد رغم أنها باعت القمح وقبضت ثمنه من الأفران على أساس السعر القديم»، بحسب حطيط. في المقابل، رضيت مطحنة «الدقيق الوطنية»، ودفعت للمركزي 3.6 ملايين دولار على أساس سعر الصرف الرسمي الجديد، أي 15 ألف ليرة لكل دولار. ما يعني بأنّ «الدقيق الوطنية» دفعت 54 مليار ليرة، وخسرت نحو 48 مليار ليرة، في حين كان يجب أن تدفع 5.4 مليارات ليرة فقط.

ونتيجة لرفض ثلاث مطاحن البيع بخسارة قدرها 10 أضعاف، قامت الحكومة مطلع عام 2024 بإعطاء وزارة الاقتصاد سلفة خزينة لسداد فواتير القمح المستورد من قبل «المطاحن الحديثة، والجنوب الكبرى، وشبارق»، بحسب نص القرار الحكومي. واستخدمت لهذه الغاية قرض البنك الدولي المخصص لتمويل شراء القمح، وقدره 150 مليون دولار. ويذكر أنّ هذا القرض نفد تماماً في أيلول الماضي.

بعد دفع مجلس الوزراء مستحقات المطاحن الثلاث كاملةً، رأت إدارة مطحنة «الدقيق الوطنية» أنّ قبولها بقبض الأموال على سعر الصرف الجديد كبّدها خسائر كان يمكن تجاوزها. فتحركت صوب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي وافق على طلب إعادة النظر في المبلغ المدفوع، واشترط لهذه الغاية تحصيل قرار من وزير الاقتصاد أمين سلام. وفي الجلسة الأخيرة، عرض سلام على الحكومة قراره سداد فواتير لـ«الدقيق الوطنية» تعود إلى مدة ما قبل تطبيق آلية تمويل القمح عبر قرض البنك الدولي. فتمت الموافقة على صرف 48 مليار ليرة للمطحنة.
يذكر أنّ الدولة ستدفع الفرق اليوم من الخزينة، علماً أنّها قبل صرف القرض كانت تموّل شراء القمح من حقوق السحب الخاصة، المعروفة بـ«SDR»، وبعد نفاد أموال القرض، رفع الدعم تماماً عن القمح.

مصدرجريدة الأخبار - فؤاد بزي
المادة السابقةالتعافي ليس مجرّد صندوق مالي للإعمار
المقالة القادمةأيوب: الاقتصاد سينزلق نحو الهاوية