لم يتوصّل اجتماع المجلس المركزي الذي عقد أمس الاول في مصرف لبنان الى أيّ قرار يتعلق بملف ترشيد الدعم أكان في ما خَص المحروقات او السلة الغذائية او الادوية على عكس ما أُشيع، لا بل وصفه أحد المشاركين كأنه لم يكن، وذلك بعدما دعت الحكومة ممثلةً برئيسها حسان دياب المصرف المركزي الى لقاء يوم الاثنين المقبل لمناقشة هذا الموضوع، بمشاركة الوزراء المعنيين، مثل الطاقة والاقتصاد والشؤون الإجتماعية والصحة.
مصادر متابعة أفادت «الجمهورية» انه على الرغم من انّ الجَو العام في البلد يتداول كثيراً بوقف السلة المدعومة والخفض التدريجي لدعم المحروقات والسير بالبطاقة التموينية، الّا انّ شيئاً من هذه النقاط لم يتم تداوله في الاجتماع.
في هذه الاثناء، أُضيف أمس الى التحذيرات المتتالية، التي سبق وأطلقتها نقابة مستوردي المواد الغذائية عن خطورة الامن الغذائي في لبنان، تحذير خارجي صدر عن وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني جايمس كليفرلي، اعتبر فيه انّ الخطر الأكثر إلحاحاً الآن هو ذاك المتعلق بالأمن الغذائي، فلبنان على شفير عدم استطاعته إطعام نفسه. وقال: يوصَف هذا النمط من الأزمات بأنّه «تسونامي صامت». لبنان بلد معرّض لأزمة الأمن الغذائي لأنّه يستورد كميات فائقة من المواد الغذائية، وفوق هذا كله هناك ارتفاع مستمر في أسعار السلع الأساسية، بحيث بلغت نسبة ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية 141 % في شهر تموز من هذه السنة، مقارنةً بالفترة ذاتها من السنة الماضية.
فما حجم المواد الغذائية المتوفرة؟ وكم تكفي حاجة السوق؟ وهل ستتأثر اذا ما رفع الدعم؟
يقول رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي انّ الوضع ليس بخير، وقد سبق وحذّرنا مراراً وتكراراً من أزمة الأمن الغذائي انطلاقاً من وقائع السوق، مع ضرورة الفصل بين تَوفّر البضاعة وإمكانية المواطن لشرائها. وطمأنَ، عبر الـ»الجمهورية»، بالقول: سيظلّ استيراد المواد الغذائية قائماً إنما المستورِد غَيّر الأصناف التي يستوردها وبات يَميل اكثر نحو الشعبية منها. وإنّ ما يُساق عن اننا سنصل الى مجاعة هو تهويل لا أكثر، إنما هذا لا يعني انّ الأوضاع بخير، وتحذيراتنا مستقبلية. أي نحن نخشى على ما نحن مُقبلون عليه في الفترة المقبلة انطلاقاً من مراقبتنا اليومية لحركة الأسواق. وأكد انّ لدى كل المستهلكين مخزوناً من المواد الغذائية في منازلهم، كما لدينا بضاعة تكفي حاجة السوق لشهرين مقبلين. أمّا اذا لاحظ المستهلك انّ هناك انقطاعاً لبعض السلع من الأسواق فسيكون تدريجاً، وسنُنبِّه عنه قبل حصوله. المشكلة الأساسية تكمن في مدى قدرتنا على تأمين الدولار للاستيراد، وحتى الآن ما زلنا قادرين رغم انّ الأمر يزداد صعوبة.
وقد اسْتجدَّت راهناً مشكلة الشح في الليرة اللبنانية، ونحن كمستوردين مُجبرون على تأمين المبالغ المطلوبة نقداً، وبما انّ 50 في المئة من المشتريات في السوبرماركت تتم بالبطاقات الإئتمانية والنصف الآخر نقداً بالليرة اللبنانية، تراجعت قدرة المستورد تلقائيّاً على الاستيراد الى النصف. ومؤخراً باتت بعض المصارف تعرض على التجار عمولة قدرها 5 % مقابل السماح لها بسحب مبالغ نقدية أكبر من السقوف الموضوعة. على سبيل المثال، اذا كان التاجر يريد سحب 100 مليون ليرة فإنّ مصرفاً معيّناً يدفعها له 95 مليوناً نقداً، علماً انّ هذا المبلغ يساوي اليوم 12 ألف دولار أميركي، أي أقل بكثير من سعر أيّ شحنة استيراد. وفَرضاً، اذا كان لبنان يحتاج الى استيراد حاوية تونه بقيمة 100 ألف دولار فهو بـ 12 ألف دولار لن يتمكن من شراء أكثر من 8/1 من حاجته. وبالتالي ما العمل اذا كان لبنان يستهلك 40 حاوية في الشهر الواحد؟
وفي حال وافق المستورد على عرض البنك بإعطائه عمولة 5 % على كل سحب نقدي بقيمة 100 مليون ليرة، فهذا يعني انّ سعر البضاعة على المستهلك ستزيد بما لا يقل عن 2.5 %.
رفع الدعم
وعن أي تأثر لرفع الدعم على استمرارية توفر السلع الغذائية، قال: انّ وقف الدعم عن السلع سيزيد حكماً من أسعارها، والحديث عن ترشيد الدعم طالَ فقط السلة الغذائية بينما لم يتحدث أحد عن ترشيد دعم المحروقات رغم انه يستحوذ على الحصة الاكبر من الدعم ويهرّب. أمّا اذا توجّهوا نحو ترشيد الدعم على الطحين فسيتم الفصل ما بين الطحين الذي يستعمل للحلويات وذلك الذي يدخل في صناعة الخبز وهذا يجب إعطاءه الاولوية. كما يجب التنبّه الى انّ رفع الدعم واستبداله ببطاقات تموينية سيزيد الاسعار على كل شيء 3 او 4 أضعاف، أي انّ الاسعار لن تبقى على ما هي عليه. ورأى انه اذا كانت الدولة تنوي حقاً ترشيد الدعم عليها البحث اولاً عن مزاريب الهدر ومعالجتها، فالحل لا يكمن في ترشيد استيراد السردين.
تغيّر خريطة الاستيراد؟
وعمّا اذا كانت الأزمة الحالية عدّلت بخريطة استيراد لبنان وهل حَلّت تركيا كبديل عن الاستراد من الاسواق الاوروبية، قال بحصلي: المؤسف اننا كنّا بمستوى معيشي معيّن وبتنا بمستوى آخر، وليس بالخطأ اليوم الاستيراد من تركيا اذا كانت تقدّم لنا نوعية جيدة بسعر أرخص، لكن من غير المقبول دخول بضاعة مهرّبة أو مزورة، وقد لاحَظنا تَوفّر منتجات في الاسواق تتشابَه أسماؤها مع ماركات اوروبية او غيرها او بضاعة مهرّبة او مقلدة ومزوّرة غير صادرة عن الشركة الأصلية، وتُباع بسعر أغلى من سعر الشركة. وهنا نناشد لجنة الرقابة في وزارة الاقتصاد ان تقوم بدورها لجهة التأكد من نوعية المنتجات الجديدة، وان تتطابَق مواصفاتها مع تلك المحددة من قبل ليبنور.