عندما تفقد عملك فإنك ستشعر بمشاعر مضطربة ومختلفة.. قد تشعر بالقلق أو التوتر أو الحزن أو مشاعر الذنب.. فكيف يمكنك التعامل مع مشكلة البطالة؟ وكيف تساعد نفسك على الخروج من هذه الأزمة؟
يعتبر فقدان الوظيفة أو العمل أمراً صعباً على أي شخص بغض النظر عن وضعه أو مدى ارتباطه الجيد بعمله، وإذا لم يكن يتوقع ذلك الشخص أن يفقد وظيفته، فقد تكون أخبار من هذا القبيل بمثابة صدمة هائلة، ويمكن أن تكون لها عواقب وخيمة.
من الصعب التعامل مع البطالة أياً كان سبب فقد الوظيفة، إلا أنّ التصرف حيال هذه الأزمة بالطريقة الصحيحة ليس ضرورياً وحسب، بل يعد أيضاً الخطوة الأولى للعودة إلى المسار الصحيح.
* نصائح للتعامل مع مشكلة البطالة
سنحاول في هذا المقال مساعدة كل الأشخاص الذين فقدو عملهم ليكونوا في وضع إيجابي، وسنقدم لهم بعض النصائح لتجاوز محنتهم، والتأقلم مع الوضع الجديد والاستعداد للمستقبل.
1- لا تتردد في طلب المساعدةعندما تتلقى أخبار فقدان وظيفتك لأول مرة، يمكن أن تمر بمجموعة كاملة من المشاعر في غضون ثوانٍ، إذْ يمكن أن تسبب الصدمة استجابة عاطفية قوية، تكون عبارة عن خليط من مشاعر الحزن والغضب، إلى الشعور بالشك الذاتي والقلق والاكتئاب.
ابحث عن الدعم من خمسة أشخاص لديهم نظرة إيجابية، ولديهم دوافع كبيرة ويشعرون بالرضا عن أنفسهم في هذا الوقت.. الأمر الذي يمنحك الثقة التي تعينك في البحث عن فرص عمل جديدة، ومن خلال الوصول إلى الدعم بهذه الطريقة، يمكنك تلقي مدخلات من شخص آخر يأخذك إلى ما وراء حدود معرفتك الخاصة، مما يتيح لك رؤية الأشياء من منظور مختلف، ويمكن لهؤلاء الأشخاص أن يصمموا لك طريقة جديدة للوجود تتيح رؤية إمكانية القيام بشيء ما بطريقة مختلفة، والنظر في خيارات جديدة، والسعي لفعل الأشياء بشكل أفضل.
2- جرّب التنفس اليقظسيكون تطبيق بعض التقنيات البسيطة في هذا الوقت ذو فائدة صحية كبيرة، لا سيما عندما تلاحظ نفسك تتجول في الماضي أو في المستقبل، وتسأل: “ماذا يحدث” و”ما هي الأسباب”.
عندما تشعر بأنك بدأت في العودة إلى الماضي، أو تدمن التفكير في المستقبل، فكر في التوقف عن التنفس العادي، وجرب هذه التقنية:
– توقف.. توقف عما تفعله وتفكّر به، وأوجد لنفسك مساحة مريحة للجلوس أو الاستلقاء.
– خذ نفساً.. أغمض عينيك، وخذ نفساً عميقاً من الداخل والخارج لإبطاء استجابة “القتال، أو الهروب، أو التجمّد”.
– لاحظ.. ابدأ في ملاحظة ما تشعر أو تفكر أو تنوي القيام به، واستمر في التنفس طوال الوقت الذي ترغب فيه، ثم افتح عينيك ولاحظ كيف تشعر.
– تقدم.. استمر في يومك وتواصل مع التنفس اليقظ إذا شعرت أن مشاعرك بدأت تعود لعدم التوازن.
3- أنشئ لوحة الرؤية المستقبليةوهي أداة يمكنك استخدامها للمساعدة في الحفاظ على تركيزك وترتيب خطواتك التالية في البحث عن وظيفة جديدة، وخاصة إذا لاحظت أنك بدأت تشعر بمشاعر الاكتئاب والقلق، كما يمكّنك إنشاء مجموعة من الصور التي تمثل ما تريد أن تبدو عليه حياتك وعملك لاحقاً.
العناصر التي ستحتاجها لإنشاء لوحة الرؤية الخاصة بك هي:
– لوح فلين وقطعة بقياس A3 من الورق أو القماش الصغير.
– مجموعة من المجلات والصحف القديمة.
– غراء أو لاصق شفاف.
– صورة شخصية لنفسك.
– مقص.
– أقلام.
بعدها قم بتصميم لوحة رؤيتك الخاصة وفق الخطوات الآتية:
الخطوة الأولى: خصص ساعة لاستكمال لوحة الرؤية الخاصة بك، وذلك بالبحث عن مكان هادئ ومريح في منزلك حيث يمكنك التركيز على نفسك.
الخطوة الثانية: اصنع جواً ملهماً، واستمع إلى بعض الموسيقى المتفائلة التي تجعلك تشعر بالراحة، وأغمض عينيك وتوقف للحظة للتفكير في أهدافك وتطلعاتك القادمة: ماذا تريد أن تبدو وظيفتك المثالية القادمة؟ أو أكثر من ذلك، ماذا تريد أن تبدو حياتك كلها؟
الخطوة الثالثة: قص الصور من المجلات التي تمثل الوظيفة أو الحياة التي تريدها، وهذه هي فرصتك لتبدع فعلاً.
الخطوة الرابعة: ضع صورتك الشخصية في منتصف اللوحة، ثم الصق جميع صور المجلات خارجها، ولا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة للقيام بذلك، واملأ اللوحة بالكامل بالصور، وقد ترغب في كتابة بعض الاقتباسات أو الرسائل الملهمة التي تعني لك شيئاً، وتمثل ما ترغب في إنشائه فقم بذلك.
الخطوة الخامسة: عندما تنتهي من صنع اللوحة، تراجع وانظر لعملك هذا بإعجاب، وضع اللوحة في مكان بارز في منزلك أو غرفتك، أو في أي مكان يمكنك رؤيته من جميع الزوايا، وعندما تشعر بأن مشاعر القلق أو الاكتئاب تزحف، خذ وقتاً لنفسك للوقوف أمامها وتذكير نفسك بما يمكنك فعله.
4- قم بفعل شيء عمليضع بعض الخطوات العملية نحو إيجاد فرص جديدة، وعلى سبيل المثال، يمكنك تحديث سيرتك المهنية الذاتية، وربما لم تكن قد فعلت ذلك منذ فترة وستكون أمام فرصة جيدة للنظر إلى المدى الذي وصلت إليه.
يمكنك أيضاً تحديث ملفك الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي، وفكر في صورة ملفك الشخصي، ومدى “فتح” ملفك الشخصي من قبل الآخرين، وقم بإجراء التحديثات والتغييرات اللازمة.5- قيّم اتجاه حياتك المهنيةاسأل نفسك: كيف تريد أن تبدأ مشوارك المهني الجديد؟ هل ترغب في متابعة ما تفعله، أم ترغب في النظر في خياراتك المهنية الجديدة؟ الآن هو الوقت المناسب لتقييم ما تريد فعله فعلاً.. لا شيء مستحيل، فمعتقداتك فقط هي التي تأخذك لمكان معروف، ولوحة الرؤية المذكورة أعلاه ستكون أداة رائعة لاستخدامها في هذا الوقت.
6- تعلم مهارات جديدةبعد اتباع الخطوات السابقة، قد تجد أنك قد قمت بإعادة تقييم مهنتك وتريد أن تفعل شيئاً مختلفاً تماماً، أو ربما ترغب في تعلم مهارة جديدة جنباً إلى جنب مع أي وظيفة تنطلق إليها، ولذلك فإن هذا هو الوقت المناسب لاستكشاف المهارات التي لديك والمهارات التي ترغب في اكتسابها.
هناك عدد من الدورات التدريبية التي يمكن أن تساعد في توسيع مجموعة المهارات الخاصة بك، كما أنّ إضافة سلسلة أخرى إلى قدراتك الخاصة ستجعلك حتماً أفضل، وهكذا، ومع وجود العديد من الخيارات المجانية والمخفضة، فقد لا تحتاج إلى كسر ميزانيتك.
على الرغم من أنك قد لا تبدأ في مهنة جديدة على الفور، فإن استباق الأمور سيتيح لك استثمار وقت بطالتك بحكمة، سواء كان ذلك من خلال التدريب أو العمل التطوعي أو العمل الحر، لأنه على الرغم من أن فقدان الوظيفة له سلبيات، إلا أن له إيجابيات أيضاً، حيث ستجد لديك الفرصة لاختيار ما تريد فعله حقاً، ولديك أيضاً الوقت الكافي لاكتساب المهارات اللازمة للبدء فيه.
ومن خلال الاستمرار في إعداد نفسك للعمل الذي تتحمس له، ستكون قادراً على إثبات حماسك وتتوجه إلى أصحاب العمل في المستقبل، ويمكنك بناء شبكة من جهات الاتصال اللازمة لاقتحام مجالك المفضل.
7- سيطر على نفسكماذا يحدث بعد فقدان الوظيفة أو العمل؟ هل يتملكك شعور بالإجهاد، أو الذنب، أو الغضب، أو الحزن؟
على الرغم من أنه لا يمكنك دائماً التحكم في مشاعرك، إلا أنه يمكنك التأكد من أنها لن تؤثر في وضعك الحالي بطريقة غير مثمرة، وعلى سبيل المثال، قد تعمل على نكران ذاتك، وإقناع نفسك بأن كل شيء على ما يرام، وليس هناك حاجة لتعديل نمط حياتك؛ إلا أن أولوياتك حول الميزانية والبحث عن وظيفة يجب أن تكون أهم.
يمكن أن يكون للشعور بالذنب أيضاً تأثير سلبي، سواء أكنت تفترض أن مهاراتك في ضبط الوقت وتنظيمك كانت السبب في كل مشاكلك، أو كان ينقصها التركيز، وعلى الرغم من أن العمل على عيوبك أمر جيد، إلا أن التحسين الذاتي المضلل يمكن أن يكون في الغالب مجرد إلهاء.
لذا، بدلاً من إلقاء اللوم على نفسك أو تجنب الموقف، ركز على ما تحتاج فعلًا لتحقيقه.
8- قيّم وضعك الماليعندما يتعلق الأمر بفقدان وظيفة، عادة ما يواجه وضعك المالي أكبر ضربة، لكن أن تتعلم كيفية تنظيمه بفعالية هو أمر أساسي إذا كنت تريد أن تتجاوز هذه المرحلة بسلام.
سواء كان ذلك يعني الاعتماد على مدخراتك، أو وضع ميزانية صارمة؛ فإن تقييم وضعك المالي ومصروفاتك الضرورية هو أفضل طريقة للتخفيف من التوتر.
بعد كل شيء، سوف تشعر بالفعل بالكثير من الأشياء في هذه المرحلة؛ لكن لا يجب أن يكون الضغط المالي واحداً منها؛ إذْ مع توفير مالك الخاص (حتى لو كان مؤقتاً)، سيكون لديك المزيد من الوقت والطاقة للتركيز على خياراتك والعثور على وظيفة جديدة.
9- ابق إيجابياًبقدر ما يبدو الأمر صعباً عليك أن تبقى إيجابياً، وبغض النظر عن مقدار الذعر الذي قد يصيبك لدى البحث عن وظيفة والادخار المحموم، فإن هذا لا يعني أنه يجب عليك تجاهل صحتك، إذْ أنك ستنسى همومك لدى العودة إلى العمل.
لذا ركز على التعلّم والنمو وصنع أهداف للمستقبل، ولا يتعين عليك تحديد حالتك الوظيفية الحالية، فالعقلية المتشائمة ستجعل الأمور أسوأ.
ويجب أن تعلم أن أصحاب العمل ينجذبون إلى المرشحين المتفائلين الذين ينظرون للأشياء بشكل جديد ومختلف، ويكونون قادرين على إيجاد حلول للمشكلات، وتحويل الوضع السيئ إلى جيد، لذلك.. ستكون هذه فرصة مثالية لإظهار أنه يمكنك القيام بذلك.
* خلاصة القولفقدان الوظيفة أو العمل ليس بالأمر السهل، لكن إذا كنت تعتقد أنه لا يمكنك الحصول على وظيفة أخرى لأن هذا كان كل ما تعرفه، فهذا هو الواقع المحدود الذي تحجّم به نفسك، وستحد بطريقة التفكير هذه من قدرتك على اقتناص فرصك بشكل كبير.
لذلك، اسمح لنفسك بالتواصل مع الاعتقاد بأنه يمكنك الحصول على وظيفة جديدة وأنها ستكون كل ما تحتاجه، ثم اجعل هذا واقعك.
تأكّد تماماً أنه مع كل نهاية ستأتي بداية جديدة، وقد تكون هذه فرصة للنظر في أن فقدان وظيفتك قد يكون في الواقع نعمة وليس نقمة، وقد تكون هذه نهاية، ولكن حتماً هي قاب قوسين أو أدنى من بداية جديدة ورائعة.
إن العقلية الاستباقية والإيجابية يمكن أن تهيئ لك للنجاح، ويمكن أن تحدث فرقاً كبيراً في طريقة تعاملك مع هذا الفصل الجديد من حياتك.