تنعقد اليوم جلسة التحقيق الثانية مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من قبل المحامي العام التمييزي، بالتكليف، القاضي جان طنوس. الحاكم مشتبه فيه بجرائم الاختلاس والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال والتزوير واستخدام المزور. رغم ذلك، وبدلاً من منعه من مزاولة عمله إلى حين انتهاء التحقيقات معه، قررت السلطة السياسية تعيين سلامة في اللجنة المكلفة وضع خطة إنقاذ للقطاع المصرفي، وتالياً للاقتصاد الوطني، ثم إجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
الحاكم ليس مشتبهاً فيه في لبنان وحسب، بل في عدد من دول العالم، أبرزها سويسرا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا. وكان من المنتظر أن تعقد الدول التي تحقق في شرعية ثروته اجتماعاً قبل نهاية الشهر الجاري في مدينة لاهاي الهولندية، لتوحيد الإجراءات المتبعة لملاحقة سلامة، بمشاركة النيابة العامة التمييزية اللبنانية، إلا أن هذا الاجتماع أرجئ إلى الرابع عشر من تشرين الأول المقبل. بحسب المعنيين فإن تأجيل الاجتماع تم لأسباب تقنية. لكن مسؤولين آخرين يعزون الأمر إلى الحماية التي يحظى بها سلامة من قبل الولايات المتحدة الأميركية. مسؤولون فرنسيون يعبّرون عن ذلك بوضوح. وينقل عنهم وصف حاكم مصرف لبنان بـ«السارق». لكنهم يؤكدون أيضاً أنه لا يزال يحظى بمظلة حماية أميركية.
في المقابل، تكشف مصادر دبلوماسية عن اتخاذ السلطات القضائية البريطانية قرارات يُستنتَج منها بدء التحقيق الجدي حول أموال سلامة وأفراد عائلته في المملكة المتحدة، وهو ما ترى فيه المصادر مزيداً من الضغوط على الحاكم، رافضة وضع ذلك في سياق «إذن مرور» أميركي لملاحقته.
داخلياً، لا يزال سلامة يحظى بإجماع «منظومة الطائف» عليه (تيار المستقبل، حركة أمل، الحزب التقدمي الاشتراكي، الكنيسة المارونية…)، إضافة إلى قوة رأس المال. كما يستفيد من التشققات في بعض القوى التي تعلن الخصومة معه، كالتيار الوطني الحر. وأتى تعيين نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة ليمنح حاكم مصرف لبنان جرعة ثقة، بخاصة بعد الاتفاق بين الرجلين على إدارة نتائج الانهيار بصورة تريح كلاً منهما .
في موازاة ذلك، أتى قرار محكمة التمييز الجزائية (الغرفة التي ترأسها القاضية سهير الحركة، وتضم في عضويتها القاضيين المستشارين الياس عيد ورلى أبو خاطر)، ليُسقِط عن سلامة أي حصانة تحول دون ملاحقته في حال نُسِب إليه ارتكاب أي مخالفة لقانون العقوبات (الرشى، الاختلاس، تبييض الأموال، التزوير…). لكنه في الوقت عينه منحه حصانة إضافية بشأن مخالفة قانون النقد والتسليف.