لا أموال لدى الدولة لتمويل البطاقة التمويلية التي وعدت بها المواطنين، ومع ذلك فان حفلة المزايدات السياسية بشأنها لا تزال مستمرة. كل الاتكال على قرض الـ 246 مليون دولار الذي خصصه البنك الدولي للاسر الاكثر فقراً، ضمن عملية اشبه ما تكون بتلبيس طرابيش تعتمدها الدولة التي تسحب من مشروع لتموّل آخر.
مرة جديدة تبرز البطاقة التمويلية الى واجهة الاهتمام وهذه المرة من النص الذي تم توقيعه، والمتعلق بتحديد الآلية ومعايير تطبيق القانون المتعلق بالبطاقة التمويلية وفتح اعتماد اضافي استثنائي لتمويلها. فكل ما ورد في هذا النص مدعاة نقاش لتبيان مدى جدية المعنيين في وضع هذه البطاقة حيز التطبيق ولتكون في متناول المواطنين ممن هم بأمسّ الحاجة اليها. وتعزز بعض البنود الشكوك في كون المشروع برمته غير قابل للحياة بدءاً من رؤية الامور التمويلية، ليتبين ان تمويل البطاقة لا يزال في بداياته بعدما أوهم الاعلان عنها لمرتين متتاليتين، وفي عهد حكومتين، انها باتت على قاب قوسين او ادنى من جيبة المواطن.
أما في ما ورد من بنود اخرى فأكثرها استغراباً ذاك المتعلق بالاسر التي لا يحق لها الاستفادة من البطاقة التمويلية، فلا يستفيد من احكام البطاقة جميع افراد الاسر اللبنانية المقيمة حالياً خارج لبنان لفترة تزيد عن 90 يوماً بين 1 حزيران 2020 و30 تموز 2021. فماذا لو كان غادر بقصد البحث عن فرصة عمل ولم يوفق؟
كما لا تستفيد الاسر التي يفوق دخلها السنوي الاجمالي مهما كان مصدره مبلغ عشرة آلاف دولار اميركي نقداً او ما يعادله بحسب سعر الصرف على منصة صيرفة. فكيف سيتم التحقق من المبالغ في حين ان غالبية المؤسسات تتجنب تسجيل موظفيها تجنباً لتسجيلهم في الضمان. والأصعب ذاك البند الذي يحجب البطاقة عن اسرة لديها حساب في البنك، فهل الاموال المودعة في المصارف متوفرة لاصحابها وتكفيهم لسد احتياجاتهم العالية في ظل الارتفاع الجنوني للاسعار؟ وماذا عن الاسر التي تدفع مبلغ 3500 دولار سنوياً بدل ايجار محل، فهل هذا شرط كفيل بمنع البطاقة عن مثل هذه الاسر خاصة اذا كان العمل متوقفاً في المحل المستأجر، او ان صاحبه سبق واستأجره يوم كان الدولار 1500 ليرة؟ ناهيك عن المعلومات المتعلقة برقم حساب كل فرد من افراد الاسرة المستفيدة.
البطاقة لا تزال حبراً على ورق وتمويلها حتى اليوم مستبعد، اللهم الا اذا تمّ شمولها بمبلغ 246 مليون دولار لتخضع للاستنسابية حينذاك، وصرفها سيكون مشمولاً بشروط البنك الدولي الذي بات على قاب قوسين من ادارة البلد بفضل المشاريع التي يديرها وطبقاً لشروطه طبعاً.