جمعية المصارف نفضت الغبار عن مشروعها للمساهمة في إنجاح خطة الحكومة للتعافي المالي والاقتصادي، ومضت تبحث عن “نزال” جديد في الأرض المحروقة. فأعادت المطالبة في مسودتها الجديدة بتطبيق العناوين العريضة التي حملتها خطتها الأولى، من دون أن تأخذ في الاعتبار التبدلات الهائلة التي حصلت بعد 10 حزيران 2020. فسعر الصرف قفز من 5100 ليرة مقابل الدولار في حزيران 2020 إلى حدود 20 ألف ليرة حالياً. احتياطي العملات الأجنبية في مصرف لبنان الذي قدرته الخطة آنذاك بحدود 30 مليار دولار لامس التوظيفات الإلزامية أي بين 13 و14 مليار دولار؛ هذا إن لم يكن أقل. التضخم ارتفع من حدود 112 في المئة إلى أكثر من 700 في المئة حالياً. معدل الفقر ارتفع إلى 80 و90 في المئة. البطالة بين أوساط الشباب تخطت 45 في المئة. النمو (-12) في المئة. الناتج المحلي تراجع من حدود 56 مليار دولار في نهاية العام 2019، إلى أقل من 18 مليار دولار بحسب البنك الدولي. مختلف المؤشرات الماكرو، والميكرو – إقتصادية في انحدار غير مسبوق.
ومع هذا كله “يغيب عن خطة المصارف الجديدة تحديد الخسائر التي مني بها القطاع، واعادة هيكلة المصارف أو دمجها وتصفية المتعثرة منها”، يقول الخبير المصرفي نيكولا شيخاني. “بل على العكس يطالبون الدولة بانقاذ البنوك لكي يبقى هناك 55 مصرفاً في اقتصاد أصبح حجمه 8 مليارات دولار، ومن دون أن يتحمل المساهمون فيها أي خسائر أو مسؤولية”.
بالاضافة إلى عدم تحديدها مصير الودائع بالدولار وكيفية اعادتها الى اصحابها ومتى، فان الخطة التي تقع في 86 صفحة تطرح 3 عناوين كبيرة كانت قد طرحتها في الخطة السابقة.
– تطلب الخطّة من الحكومة تأسيس شركة مساهمة تتملّك الاصول العامّة، وتجعل المصارف والدائنين الطرف المستفيد النهائي من إيراداتها. وهذا ما عبرت عنه الخطة السابقة من خلال اقتراحها الصندوق السيادي بقيمة 40 مليار دولار تمثل برأي المصارف قيمة أصول الدولة.
– تطلب الخطة من الحكومة التقشف عبر تخفيض الانفاق العام، وإلغاء دعم الكهرباء ورفع اسعارها وتخفيض فاتورة الاجور، ولا سيما في السلك العسكري والتعليمي وفي نظام التقاعد.
– تطلب الخطة من الحكومة رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 16 في المئة وأن تحتسب الضرائب على سعر صرف الليرة في السوق الحرة. وبغض النظر عن أن زيادة للضرائب في ظل الانكماش الاقتصادي تؤدي إلى تراجع الايرادات بسبب مساهمتها في إقفال أو رحيل أو حتى تهرب المؤسسات من دفع الضرائب، فان المشكلة الأساسية ليست في حجم الضرائب إنما في القدرة على التحصيل.
أما بدعة البدع في الخطة فكانت اقتراحها منح المصدرين قروضاً باللولار على أن يسددوها بالدولار الطازج الناتج عن عملية التصدير. وهذا ما رأى فيه مصدر صناعي “هرطقة” نقدية الغاية منها “اعادة رسملة المصارف على حساب المصدرين”.