ما كان ينقص سعر صرف الدولار إلّا أحداث منطقة الطيّونة يوم أمس حتى يواصل الصعود. لم يكفِ الدولارَ تفجّرُ الحكومة الوشيك من الداخل وتأجيل جلستها، التي كانت مقرّرة يوم الأربعاء الفائت، بسبب التحقيق في انفجار المرفأ، ولا تأخّر الوزراء في مقاربة ملفّ الأزمات ومعالجتها، ولا حتى ندرة المحروقات التي باتت تُباع بالدولار الأميركي “الفريش”، فأتت الأحداث الأمنيّة لتزيد الأمور تعقيداً، وتعيد إلى اللبنانيّين ذكرى أحداث مريرة خلت.
فقد بلغ سعر صرف الدولار، أمس، 21.100 ليرة للشراء، و21.300 ليرة للمبيع، مترافقاً مع ضمور ملحوظ في حجم التداول في “السوق الموازي” في مختلف المناطق بالعاصمة بسبب هذه الأحداث، وهو ما يعني أنّ اللعبة عادت إلى حضن التطبيقات.
وأكّد مصدر صيرفيّ في بيروت، في اتصال هاتفي مع “أساس”، أنّ الإقبال على محلّات الصيرفة “كان خجولاً جدّاً يوم أمس”، وذلك مع “اختفاء الناس من الشوارع، وعدم إقبالهم على بيع الدولارات أو شرائها بسبب هذه الظروف الأمنيّة”.
وكشف المصدر أيضاً أنّ “تقلّب الأسعار على تطبيقات الهواتف الذكية التي هيمنت على التسعير يوم أمس، غاب عن المشهد الصيرفي بشكل ملحوظ”، وذلك بخلاف الأيام القليلة الماضية التي “كانت تشهد تقلّبات بين ارتفاع وانخفاض تفوق عشرات المرّات في اليوم الواحد”، مبيّناً أنّ سعر الصرف “شهد صباحاً ارتفاعاً ملحوظاً بلغ حدود 21 ألف ليرة، لكن مع ساعات بعد الظهر تراجع إلى ما دون 21 ألف ليرة مع تجميد التطبيقات حركة عرض الأسعار صعوداً وهبوطاً، وذلك بسبب الأحداث الأمنيّة، على ما يبدو”.
وقد علم “أساس” أنّ العاملين في شركة “OMT” الخاصّة بنقل الأموال، والمسؤولة بشكل مباشر عن الدخول اليوميّ للدولارات إلى لبنان، قد غادروا مقرّ الشركة الرئيسي الواقع في قلب منطقة الاشتباكات على الطيونة منذ ظهر أمس. وقد أدّى هذا الأمر إلى توقّف نظام العمل، أي الـSystem، لدى المراكز المعتمدة في المناطق كافّة، فأقفل العديد منها نتيجة توقّف العمل في المقرّ الرئيسي، وتوتّر الأوضاع في المناطق البيروتيّة.
ولم تستبعد أوساط مصرفية أن تشكّل هذه الأحداث، خصوصاً توقّف العمل في تلك الشركة الرائدة في توزيع الأموال، ضغطاً إضافياً على سعر صرف الدولار في الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً في حال استمرّت التوتّرات في منطقتيْ الطيّونة وعين الرمّانة، وأقفلت الشركة فرعها الرئيسي هناك، وذلك لحاجة السوق اليومية إلى الدولارات “الكاش” بعد رفع الدعم عن السلع والمحروقات على وجه التحديد.
ومع رفع الدعم عن المحروقات كافّة، باتت الدولارات “الكاش” الواردة إلى الداخل اللبناني ذات أهميّة يوميّة كبيرة، نتيجة الطلب المتنامي عليها بعدما تحوّلت أغلب الشركات الموزِّعة للمحروقات، ولا سيّما مادة المازوت، إلى البيع بالدولار “الكاش” بسبب امتناع مصرف لبنان عن بيعها الدولارات والاكتفاء بتزويدها بالدولارات لاستيراد مادّة البنزين حصراً.
ولا يُستبعد أن تتضاعف الحاجة إلى المزيد من الدولارات “الكاش” في السوق الموازية، في حال سلك مصرف لبنان النهج نفسه في تمويل استيراد مادة البنزين، خصوصاً إذا طالت الإجراءات الحكومية في البحث عن حلول، لا تبدو مشجّعة بعد انقضاء ما يزيد على شهر من عمر الحكومة.