سببان أساسيان أديا الى تراجع الطلب على المنتجات الزراعية وهما: انهيار القدرة الشرائية للمواطنين وتفاقم أزمة المحروقات ما أدى الى ارتفاع اسعارها. ففي جولة على محال الخضار والفاكهة، نرى أن أسعار بعض السلع العادية أصبحت خيالية، فهي ليست مستوردة أو في خانة السلع النادرة، إنما كلها محلية، فعلى سبيل المثال لا يقل سعر الكيلوغرام الواحد من البندورة عن الـ 15000 ليرة والخيار عن الـ 12000 ليرة والموز عن الـ 15000 ليرة، كما الحامض (9000 ليرة) والبطاطا (8000 ليرة).
فبالنسبة الى بعض التجار “الحق كلو على الدولار فهو طاير طاير” واَخرون يعتبرون أن المشكلة تبدأ من الكلفة التي أصبحت عالية جداً، وغيرهم يرى أن ارتفاع الأسعار يعود لإنخفاض العرض وزيادة الطلب على المنتجات الزراعية. ويؤكد عضو المجلس الإقتصادي والإجتماعي عمران فخري “أن السبب الأساسي وراء ارتفاع الأسعار في الفترة الاخيرة هو ارتفاع أسعار المحروقات وبشكل خاص المازوت، اضافة الى الكلفة التي أصبحت عالية جداً. فإذا اعتبرنا أن معدل سعر كيلو البندورة هو 15000 ليرة، فهو عبارة عن أقل من دولار واحد، فالمعادلة لم تتغير إنما قدرة المستهلك على شرائها تراجعت، والأسعار ترتفع بشكل جنوني بالتوازي مع ارتفاع سعر الصرف، وتُقل٘ص بذلك ربح المزارعين مع ارتفاع تكاليف الزراعة والنقل والطاقة”.
وبدوره أشار رئيس تجمّع مزارعي البقاع ابراهيم ترشيشي الى أن “عدم قدرة المزارع على الحصول على مادة المازوت بأسعارها الطبيعية سيؤدي إلى هروب المزارعين من القطاع، ما يفسر وجود نقص حاد في المنتجات الزراعية الموز٘عة على الأسواق، إذاً نحن أمام طلب يفوق العرض، حيث لا يُعرض في السوق أكثر من 30% من الإنتاج الزراعي، الأمر الذي سيؤدي حتماً الى ارتفاع الأسعار”.
ويصف ترشيشي مادة المازوت “بالمادة الحيوية والأساسية للقطاع الزراعي وهي مثل الدم في جسد الإنسان، وأثّر فقدانها على عمل المزارع، فهي أساسية لعمليات الري واستخراج المياه، وتبريد الإنتاج لتصديره الى الخارج بالإضافة الى عملية نقل المنتوجات الى الأسواق والمرفأ. كما وتبقى مشكلة الكهرباء أساسية وخاصة في البقاع، لأنه عندما تنحلّ مشكلة الكهرباء، يمكننا تخفيف الاستهلاك من مادة المازوت”.
لذا يناشد المزارعون الحكومة الجديدة إيجاد حلول ومساعداتهم ليتمكن القطاع من الوقوف على قدميه من جديد. ويقول ترشيشي في هذا السياق: “المطلوب من الحكومة الجديدة التصرف بروح التعاون لإيجاد حلول ووضع خط٘ة ثابتة، وإلا ستصل الأمور الى المزيد من التعقيد والتراجع وعدم الإستقرار، ويجب أن يكون موضوع تأمين الكهرباء أولوية لديها مع المباشرة في التنفيذ، وليس فقط “حبراً على ورق”، لافتاً الى أنه “حتى اليوم لم نتمكن من تحقيق الهدف المطلوب، وطالما ما زال لبنان يعتمد على المساعدات والقروض الخارجية، من المستحيل أن يصبح بلداً متقدماً قادراً على تحقيق إكتفائه الذاتي”.