بخطى الواثق، يسير لبنان إلى مجاعة محتملة. نسبة العائلات العاجزة عن الوصول إلى مصادر الغذاء في ارتفاع مضطرد. فمنذ العام 2019 ولغاية آب الفائت ارتفعت تكلفة “سلة إنفاق الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة” SMEB بنسبة 628 في المئة، بحسب أرقام برنامج الأغذية العالمي WFB، ووصلت إلى حدود 388 ألف ليرة. هذا الواقع جعل 22 في المئة من اللبنانيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. ما يعني بكلمات أخرى، أن هناك نحو 1.2 مليون لبناني يعيشون شهرياً على 19 دولاراً أميركياً، أي أقل من نصف دولار يومياً.
هذا الواقع المأسوي سيتضاعف ولا سيما مع تحرير أسعار المحروقات مع نهاية شهر آب وتوقع أن يشهد سعر الصرف ارتفاعات تتخطى 20 ألف ليرة نتيجة زيادة الطلب على الدولار لتمويل استيراد المحروقات وانعدام الاستقرار. ومن المرجح بحسب البرنامج أن يتفاقم الوضع الغذائي أكثر بكثير مع رفع الدعم كلياً، وتراجع قدرة الكثيرين عن الوصول إلى الغذاء والوقود، واستمرار المنافسة على الموارد الأساسية والتوترات الاجتماعية.
لكن بدلاً من أن “تكحلها” السلطة التنفيذية بالبطاقة التمويلية وتأمين الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية، كمقدمة للاتفاق على البرنامج الاصلاحي، “أعمتها” بتعزيز الانقسامات والاختلاف على الخطط والمقترحات. فلم يعد للبنانيين من معين إلا المساعدات الدولية وتحويلات المغتربين. وعلى الرغم من أهميتها، إلا أنها تبقى “مسكّناً” أعجز من أن ينتشل البلد من مرحلة الكساد التي يقف على أعتابها.