بكلام بسيط فان ما يُطرح عن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 ملايين ليرة وزيادة بدل النقل من 24 ألف ليرة إلى 100 ألف (يمكن القبول بـ 64 ألف ليرة) يمثلان زيادة الأجور 10 أضعاف والنقل 4 أضعاف. في المقابل فان الدولار الذي ارتفع بأقل من عامين من 2000 ليرة إلى 20 ألفاً، أي 10 أضعاف، قد يصل إلى 40 ألف ليرة في وقت قياسي. وعليه، فان بدل النقل سيعود وينخفض ليصل إلى 1.5 دولار، أي إلى رقم قريب من الرقم المحقق اليوم والبالغ 1.2 دولار (24000 ل.ل). هذا الواقع يظهر بما لا شك فيه أن “الأزمة نقدية، وعلاجها يجب أن يكون بالسياسة النقدية”، يقول الخبير الاقتصادي د. رازي الحاج. “لأن بقية العلاجات هي ترقيعية للنتائج وليست معالجة للأسباب”.
النقطة الثانية التي لا تقل أهمية في مسار تصحيح الأجور تتمثل في مصدر الأموال لزيادة الرواتب في القطاع العام، وقدرة القطاع الخاص على إعطاء الزيادات عند هذه المستويات من الانكماش (-10.5% بحسب تقديرات البنك الدولي).
– بالنسبة للقطاع العام “هناك فرق شاسع ما بين تمويل الزيادة من إيرادات محققة أو من خلال طباعة النقود”، برأي الحاج. “ففي الحالة الثانية ستؤدي طباعة النقود إلى المزيد من التضخم بالكتلة النقدية بالليرة، المتضخمة أصلاً، والتي ارتفعت من أقل من 5 آلاف مليار ليرة إلى أكثر من 40 ألف مليار حالياً. الأمر الذي سيزيد المضاربة على الدولار وسيؤدي في ظل غياب أي خطة إصلاحية، إلى تأخير بدء المفاوضات الجدية مع صندوق النقد الدولي وتدهور سعر الصرف أكثر وصولاً إلى الـ”لا سقف”. أما في حال تمويل الزيادة على الرواتب من الايرادات العامة فيتطلب إصلاحات وقوانين وإجراءات مالية ونقدية، لم ولن تتخذ على ما يبدو، بسبب تسعير الخلافات، واصابة البلد بـ”حمى” الانتخابات.
– بالنسبة للقطاع الخاص فان عدم التمييز بين القطاعات المنتجة وتلك المتعثرة وإلزامها جميعها على زيادة الاجور وبدل النقل سيؤدي، بحسب الحاج، “إلى تخفيض عدد العمال. خصوصاً في القطاعات التي تعاني من ارتفاع الأكلاف التشغيلية وتراجع الانتاج. الأمر الذي سينعكس سلباً على البطالة وتكون نتائجه أخطر على الاقتصاد والمجتمع.
الاصلاحات في القطاعين العام والخاص يجب أن تترافق، من وجهة نظر الحاج، مع اتفاق سريع مع البنك الدولي والجهات المانحة من أجل تنفيذ 3 مشاريع أساسية تخفف من معاناة المواطنين وتساهم بتعزيز القدرة الشرائية وهي:
– تطوير النقل العام وتنفيذ المشروع على المستويين القصير والمتوسط. حيث يلحظ بالاضافة إلى تأمين وسائل النقل والمحطات إقامة سكك حديد وربط المدن اللبنانية، وتحديداً الساحلية منها، ببعضها البعض لتسهيل نقل البضائع والافراد.
– تنفيذ مشروع التحول الرقمي الذي أعدته وانجزته وزارة التنمية الادارية أيام الوزيرة مي شدياق. وهذا المشروع يخفف الكثير من الاعباء عن كاهل المواطنين والدولة على حد سواء.
– إصلاح قطاع الطاقة والمباشرة بالاستثمار في معامل الغاز لزيادة الانتاج.
هذه الحلول في ما لو جرى تطبيقها كانت لترفع الدخل الفردي تلقائياً بنسبة لا تقل عن 50 في المئة. إنما مع الأسف قد جرى إهمالها رغم وجود خطط جاهزة، وإهدار لبنان في العامين الماضيين نحو 20 مليار دولار على مشاريع الدعم الفاشلة والفساد والسماح بتهريب الأموال.