لم تكن البطاقة التمويلية سوى “المشبك” الذي علق في “ذيل” السلطة لحثها على مطاردة صيدٍ ثمينٍ لأبنائها المواطنين. فكانت النتيجة دورانها كـ”القطة” حول نفسها على مدار أكثر من سنة، بحركة توحي لمشاهديها عملها الدؤوب على إيجاد الحلول. إلا أنها “داخت” أخيراً، ووقعت، وما زال الملقط عالقاً يعطي آمالاً زائفة بامكانية نيل أولادها ما يسد جوعهم.
يمكن تقسيم مشروع الحماية الإجتماعية الذي بدأ الحديث عنه مع تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب في شباط 2020 إلى قسمين رئيسيين:
– الأول، استبدال دعم السلع بالدعم المباشر للمواطنين عبر البطاقة التمويلية. وقد أقر البرلمان مشروع البطاقة بعد الكثير من الاخذ والرد في 30 حزيران الفائت لـ 505 آلاف عائلة بكلفة 556 مليون دولار.
– الثاني، مشروع دعم الأسر الأكثر فقراً الممول بقرض من البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار لحوالى 150 ألف عائلة، والذي أقره البرلمان في 12 آذار الفائت. المشروعان اللذان أقرا بقانون في مجلس النواب قبل أشهر لم ينفذا، والظاهر أنهما لن ينفذا في المدى المنظور. وفي حال تنفيذهما فسيكونان مشوهان ومسخان ولن يعطيا النتيجة المرجوة منهما.
البطاقة التمويلية التي كانت تُستحضر كعلاج مخدّر بعد كل عملية ترشيد للدعم أو ارتفاع في الأسعار، بدأت بقيمة تفوق المليار دولار تكفي لسد الحاجات المعيشية الأساسية لحوالى 750 الف أسرة، يشكلون نحو 75 في المئة من الأسر اللبنانية. من بعدها خفّضت قيمتها بقانون إلى 556 مليون دولار وخصصت لـ 505 آلاف عائلة. واليوم ومع اكتشاف استحالة تأمين التمويل اللازم لها، وعدم إمكانية تسديد المساعدات للعائلات بالدولار النقدي بمعدل يترواح بين 93 و130 دولاراً للعائلة الواحدة، “ستخفض قيمتها مرة جديدة بأكثر من 30 في المئة، ويتراجع أعداد المستفيدين منها إلى 200 ألف أسرة”، بحسب ما يرشح عن عدد من النواب. الأمر الذي دفع برئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابراهيم كنعان إلى الاعلان صراحة أن “البطاقة التمويلية، لم تشمل الى اليوم لا القطاع العام ولا القطاع الخاص”. متقدماً باقتراح “اعطاء مساعدة إجتماعية لمدة سنة للعاملين في القطاع العام”. أقله “لكي يستيطعوا الوصول يومين في الأسبوع إلى أعمالهم”، على حد قوله.
البديل عن البطاقة سيكون توسيع “البرنامج الوطني لدعم الأسر الاكثر فقراً” (NPTP)، واعطاء المستفيدن منه بطاقة بالليرة ممولة من الموازنة على سعر صرف منصة صيرفة.
على المقلب الآخر ما زال “المشروع الطارئ لدعم شبكة الامان الاجتماعي للاستجابة لجائحة كوفيد-19 والازمة الاقتصادية في لبنان” (ESSN)، الممول من البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار، معلقاً. والسبب لا يعود إلى نقص في التمويل، إنما فقط إلى محاولة الحكومة اللبنانية السابقة التذاكي على شروط البنك الدولي، وخرقها للمعايير ومنهجية العمل المعتمدة عالم
المشكلة أن “الحكومة والمسؤولين الذي يغطون أو يشتركون في عمليات نهب وفساد بمليارات الدولارات “غصّ بعينهم” اقتطاع بضعة ملايين الدولارات من القرض لضمان تنفيذه بشكل صحيح ووصوله إلى مستحقيه”، بحسب أحد المتابعين للملف، و”قد صور بعضهم تخفيض النفقات التشغيلية للمشروع كأنه إنجاز وطني. فيما الحقيقة أن هذه التعديلات أدت إلى توقف القرض وتفويت الفرصة على 150 ألف اسرة من المصنفة الأكثر فقراً وحاجتها للاستفادة من المشروع منذ آذار الفائت.