حذرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) من زيادة “غير تاريخية مسبوقة” للدين العام في المنطقة العربية، وحثت الجهات الدائنة على تمديد فترة الإعفاء من سداد خدمة الديون حتى أواخر عام 2022.
وأطلقت الإسكوا عشية قمة العشرين دراسة جديدة نشرتها على منصتها الإلكترونية، أشارت فيها إلى أن العقد الماضي شهد زيادة غير مسبوقة في الدين العام في المنطقة العربية.وأوضحت أن إجمالي الدين العام للدول العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ارتفع إلى مستوى تاريخي بلغ 1.4 تريليون دولار، ما يمثل حوالي 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة في عام 2020، مقابل 25 في المئة في عام 2008.
وقال نيرانجان سارانجي، المشرف على فريق إعداد الدراسة التي جاءت بعنوان “نقص السيولة وارتفاع الدين: عقبات على مسار التعافي في المنطقة العربية”، إن “جائحة كورونا فاقمت احتياجات البلدان في الحصول على السيولة”. وأضاف “فيما من المتوقع أن تنتهي قريبا مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين العام، تشعر البلدان النامية بالقلق إزاء زيادة خدمة ديونها الخارجية واحتياجاتها من السيولة”.
وحسب الدراسة فإن إجمالي الدين العام تضاعف خمس مرات حتى في دول الخليج العربي ذات الدخل المرتفع، وارتفع من نحو 117 مليار دولار في عام 2008 إلى نحو 576 مليار دولار في عام 2020. وأشارت الدراسة إلى أن كلا من الأردن وتونس ومصر استدانت في عام 2020 ما مجموعه 10 مليارات دولار في إطار آليات صندوق النقد الدولي للاقتراض قصير الأجل ومتوسط الأجل لسد حاجاتها الملحة للسيولة.
أما في البلدان المتضررة من الصراعات، كالعراق وليبيا واليمن، فقد وصل الدين العام إلى 190 مليار دولار في عام 2020، أي ما يقرب من 90 في المئة من ناتجها المحلي. ودعت الإسكوا الجهات الدائنة إلى “تمديد فترة الإعفاء من سداد خدمة الديون حتى أواخر عام 2022، وذلك في إطار مبادرة تعليق سداد خدمة الدين التي أطلقتها مجموعة العشرين”، على أن يشمل ذلك البلدان النامية المثقلة بالديون.
ويرجّح محللون تراجع برامج الإصلاح في المنطقة العربية على عدة جبهات خلال السنوات الخمس المقبلة، مما سيؤدي إلى عودة عقارب التنمية إلى الوراء لسنوات ويمحو التقدم المهم الذي تم إحرازه. وأوضحوا أن ذلك يضع الحكومات أمام تحديات سياسية بعد انتهاء الأزمة الصحية، حيث يقف البعض منها عند مفترق طرق، فإما أن تواجه عدم الاستقرار الذي طال أمده، وإما فقدان مكاسب مهمة تم تحقيقها على مدار العقود القليلة الماضية.
حملت تحذيرات المؤسسات المالية الدولية حول احتمال اتساع رقعة الديون في الدول النامية بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية أخبارا محبطة للحكومات، حيث تجد نفسها تائهة بين مواجهة الجائحة وحماية الناس اجتماعيا. وأكد ديفيد مالباس رئيس البنك الدولي قبل اجتماعات سنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في منتصف أكتوبر الجاري، أن وضع الديون في الدول الفقيرة قد يتدهور مع تقلبات أسعار السلع الأولية وارتفاع أسعار الفائدة.