يقدم الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة جملة من المخاوف يأمل أن لا تحضر عملياً في حال تطورت الأمور سلباً، والتي تبقى في إطار الاحتمالات حتى كتابة هذه الأسطر. هو يشير الى ثلاثة مستويات رئيسية لمقاربة بُعد العلاقات مع السعودية ومدى تأثر لبنان سلبا من أي قرار يؤذيه من قبل الرياض، وهي مستويات مالية وتجارية وسياحية. على الصعيد التجاري مع دول الخليج نحن نُصدر بكميات كبيرة الى شريك كبير جدا تذهب ثلث الصادرات إليه في ظل سؤال: هل هناك سوق بديل لذلك الخليجي؟
يسأل عجاقة ويجيب: هناك معايير تستوفي هذا السوق لا يمكن إستيفاءها مع سوق آخر بسهولة مثل السوق الاوروبي مثلا. لدينا مع الاتحاد الاوروبي معاهدة تبادل تجاري حر لكننا لا نُصدر هذه الكمية إليه كون صادراتنا لا تناسبه، والامر نفسه ينطبق على بلد واسع جدا كالبرازيل الذي تعيقنا للتصدير إليه الكلفة الهائلة للنقل.. من هنا فإن السوق الخليجي بالغ الاهمية بالنسبة الى لبنان.
يُبدي الخبير الاقتصادي القلق من احتمال اتباع كل دول الخليج المبدأ السعودي. فمع السعودية فقط يُصدر لبنان صناعيا بـ 97 مليون دولار وزراعيا بـ 91 مليون دولار مع صادرات دوائية بنحو 10 مليون اضافة الى اعادة تصدير، وهو ما يجمع بين 200 الى 250 مليون دولار سنويا. واذا اتبعت كل دول الخليج وقف الصادرات ستتخطى الخسارة من ناحية التصدير مليار دولار سنوياً.
وينتقل الى المستوى السياحي، «فمنذ العام 2015 وعمليات التعدي على بعض السياح، ولّد هذا الامر تباعدا بعد ان انكسرت الثقة مع السائح السعودي وحتى عندما وُعدنا بعودة السياح رأينا ان هؤلاء لم يكونوا متحمسين كثيرا للعودة، علما انها تعد خسارة كبيرة كون السائح السعودي لوحده يتولى نحو 16 في المئة من الإنفاق السياحي، لذا كانت الانظار تتجه الى عنصرين: فترة بقاء السائح السعودي في لبنان ومدى انفاقه. وهي نظرة لا تقتصر على السعودي لوحده بل على السائح في شكل عام».
أما على المستوى المالي وهو الاكثر تعقيدا لأنه كان هناك شق للاستثمار، فهذا العامل إزدهر خاصة في الفترة بين عامي 2007 و2010، لكن مع اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري العام 2011، سُحب جزء كبير من الاستثمارات، «فانتقلنا من رقم 4 مليار ونصف الى مليارين ونصف المليار وحصلت انسحابات من بعض القطاعات ومنها العقارية مثلا..».
وعلى صعيد تحويلات المغتربين اللبنانيين في الخارج، فإن الأمر ليس بقليل أبدا. فحسب أرقام سياسة الهجرة، فإنه في العام 2014 كانت أعلى تحاويل جاءت من المملكة العربية السعودية مع نحو مليار و600 مليون دولار من اصل 7 مليار اجمالي التحاويل من الخارج، وتدفقت تحاويل من الامارات العربية المتحدة بـ 266 مليون دولار..
كل هذا للقول، حسب عجاقة، إنه اذا اتخذت اجراءات فإن الخسارة ستكون كبيرة جدا، لا سيما ان اليوم الكثير من الناس يعيش على تحاويل الخارج وهي تشكل داعما اساسيا في هذا الوضع الصعب.
يكشف عجاقة بأن ثمة مخاوف أخرى فمثلا في موضوع الكهرباء والنفط العراقي، ماذا لو أصدرت الامارات قانونا او قرارا يوقف عمل الشركة التي تستبدل النفط العراقي وترسله الى لبنان؟ هنا فإن الشركة لا تستطيع معارضة القرار وستوقف هذه العملية وقد لا نجد مصدرا آخر لعملية «السواب» هذه.
ثم ماذا عن عملية استجرار الكهرباء والغاز من الاردن؟ نحن نعلم ان الاردن شريك اساسي مع الدول الخليجية، ماذا لو تم الضغط عليه وتوقفت العملية؟
ومن بين الاحتمالات ايضا التأثير على عملية التفاوض مع «صندوق النقد الدولي»، لأن خطة الرئيس نجيب ميقاتي مبنية على النمو الاقتصادي «وعندما نتحدث عن النمو فإننا نتحدث عن الاستثمارات وهذا يعني اننا نتحدث ايضا عن مؤتمر «سيدر» وهو ما يعني بدوره اننا نتحدث عن 45 في المئة من وعود خليجية بالمساعدة سواء مباشرة او غير مباشرة، وسيؤخر ذلك فترة التعافي». إضافة الى ذلك، هناك أمور عدة أخرى قد لا تكون بأهمية ما سبق، ومنها مثلا مسألة منع الطيران مباشرة من الخليج الى لبنان، ما سيزيد الكلفة «وسنتحمل خسائر كبيرة على شركتنا الوطنية، ناهيك عن كلفة مماثلة على المغترب الذي سيتكلف على عملية «الإسكال» والمسافة الطويلة التي ستتخذها الرحلات الى لبنان».