“لا يوجد مازوت.. لا تضيع وقتك. لن تجد المازوت بأي محطة”. هذا ما قاله عامل في إحدى محطات المحروقات في قرية جبلية، جواباً على سؤال أحد المواطنين الباحث عن تأمين صفيحتي مازوت لمنزله. حال المواطن المذكور كحال آلاف العائلات في المناطق الباردة التي لم تتمكن غالبيتها من تأمين مازوت التدفئة، ليس لارتفاع سعره وحسب، بل ايضاً لعدم توفر المادة في المحطات. وفيما كانت العائلات تشتري في السنوات السابقة مؤونة فصل الشتاء من المازوت أو بمقدار خزان كأقل تقدير، تعجز اليوم عن شراء هذه الكمية، وتكتفي بتأمين صفيحة أو اثنتين كل ما دعت الحاجة. فسعر صفيحة المازوت بلغ 282500 ليرة، ما يجعل من فئات اجتماعية واسعة عاجزة عن تأمينه بوفرة.
أما لماذا لا تتوفر مادة المازوت في المحطات، ولا يمكن للمواطنين شراء المازوت بالصفيحة “أو الغالون”، فالسبب يعود إلى تسعيرها. وليس تسعيرها للعموم، بل فقط تسعيرها بالمفرق أي للمواطنين الباحثين عن مازوت للتدفئة. بمعنى أن شراء مؤسسة أو معمل أو أي منشأة أخرى للمازوت متوفر وميسر. أما شراء مواطن لصفيحة مازوت، فذلك غير ممكن. والسبب أن السعر الذي حددته وزارة الطاقة لشراء المازوت من قبل المحطات بالدولار الأميركي. أما سعر المبيع للمستهلك فحددته بالليرة اللبنانية. وهو أمر طبيعي. غير أن تغير سعر صرف الدولار أوقع أصحاب المحطات بخسائر في مبيع المازوت وصلت إلى نحو 11000 ليرة بالصفيحة الواحدة، حسب ما يؤكد عضو تجمع أصحاب المحطات، جورج البراكس. فاتخذوا قراراً بوقف مبيع المازوت للأفراد وحصره فقط بالبيع بالأطنان.
ونظراً لعدم تمكن المواطنين من شراء المازوت بالأطنان وتخزينه، دخلت مناطق الجبل والبقاع وسائر المناطق الباردة بأزمة شح مازوت التدفئة، إلى حين حل أزمة التسعير. آلية تسعير المازوت بالدولار أو بالليرة وفق سعر صرف دولار السوق السوداء المعتمد من قبل المحطات لن تكون دقيقة أو مضبوطة. بمعنى أن سعر الدولار المعتمد في جدول تركيب الأسعار معرّض أسبوعياً لأن يتغير عن سعر الدولار الحقيقي في السوق السوداء، والذي تشتريه المحطات لسداد ثمن المازوت. فهل المقصود تسعير المازوت بالدولار للمواطنين؟
تعترف مصادر وزارة الطاقة بوجود أزمة في ملف المازوت، مؤكدة السعي لحلها “لكن مع استبعاد تسعير المازوت للمواطنين بالدولار. وبالنظر إلى تعليق المحطات مبيع المازوت للمواطنين، يلمح المصدر في حديث إلى “المدن” إلى توجه الوزارة لتعديل جعالة المحطات من مبيع المازوت ورفعها من 1200 ليرة إلى مستوى لم يتم تحديده بعد. وإذ يطالب البراكس بحل الأزمة عبر تعديل الآلية الحسابية، يقترح العودة إلى تسعير المازوت وتسليمه إلى المحطات بالليرة اللبنانية.
وعن جعالة محطات المحروقات من مبيع المازوت، فإنها تطالب برفعها من 1200 ليرة إلى نحو 12000 ليرة. وهو قيمة الجعالة الواقعة على البنزين، باعتبار أن تكلفة النقل والتوزيع وغيرها للبنزين هي نفسها تنطبق على المازوت. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن رفع جعالة المحطات من مبيع المازوت سينعكس مزيداً من رفع الأسعار على المستهلك. خلاصة الأزمة اليوم ليست بطوابير البنزين، ولا بشح المازوت. فالمادة متوفرة. لكن الأزمة تتركز في تعليق مبيع المازوت إلى أجل غير مسمى.