لمؤسسات الصغيرة وخاصة تلك التي تمتهن حرفة النجارة في المدينة الصناعية باتت تعاني الركود القاتل. وتماشياً مع طول أمد الازمة الاقتصادية تدرّج اصحابها في تخفيض عدد العمال، ثم في خفض رواتبهم التي لا تكفي اصلاً كفاف العيش، ثم العمل ثلاث ايام خلال الاسبوع، وتسير بخطى ثابتة نحو الاقفال التام، فالمهنة لم يعد لها السوق الرائج ولا الزبائن… وتنتظر ورقة نعوتها عما قريب.
يتأفف قمبز وهو في يوم عطلة دورية، يملأ “جرة” الغاز في أحد مراكز التعبئة في منطقة سينيق – جنوب صيدا، بعدما ارتفع سعرها الى ما يفوق الـ 300 الف ليرة لبنانية (12 كيلو ونصف)، ونحو 250 الف ليرة (عشرة كيلو) ويقول لـ “نداء الوطن”: “لم تعد الناس قادرة على التحمل، باتت تملأ الجرة بالاقل وزناً، لا غنى عن الغاز للطبخ فقط. اشك ان كثيراً من الناس يعدّون الطعام يومياً بسبب الفقر المدقع. لقد سرقوا منا كل شيء، حتى رغيف الخبز يلاحقوننا عليه، لقد ارتفع سعر الربطة والحبل على الجرار”.
على مقربة من المكان، ارتفعت اصوات عمال محطة معالجة الصرف الصحي التابعة لمؤسسة مياه لبنان الجنوبي في محلة سينيق، اعلنوا اضرابهم عن العمل بسبب عدم دفع رواتبهم، جلسوا امام المدخل الرئيس وقد اقفلوا البوابة الرئيسية، مؤكدين ان بعضهم لم يعد قادراً على الوصول الى مكان العمل ويطالبون بقبض رواتبهم، مشيرين الى المخاطر الصحية التي يتعرضون لها جراء الروائح الكريهة في المكان ما يجبرهم على ارتداء الكمامات دوماً.
في المقابل، يعيش غالبية موظفي المصارف قلقاً لا ينتهي، بعض ادارات المصارف قررت تسريح الموظفين وربما اقفال فروع في المدينة وهم سيدفعون الثمن، كانوا في “بوز المدفع” اثناء أزمة السحوبات الشهرية، ينفذون سياسة الادارة ويقعون بالاحراج ويواجهون المشاكل وغضب الزبائن الذين صودرت اموالهم من دون وجه حق.
داخل اروقة احد المصارف يلتقي الموظفون قبل بدء وقت عملهم، يتساءلون في ما بينهم عن اي مستجدات في ظل الحديث عن الاستغناء عنهم بكل بساطة من دون النظر الى ظروف حياتهم، وفق ما يقول احدهم، مضيفاً “انها الحياة بحلوها ومرها، لقد تجرع الزبائن الكأس المرّ حين لم يستطيعوا سحب اموالهم وجنى اعمارهم، واليوم تدور علينا الدوائر في شيء لا ذنب لنا به، وفي النهاية قد تستغني عنا الادارة من دون ان ترف لها جفن”.