رغم رفع الدعم عن المحروقات ورغم تسعير المازوت بالدولار، إلّا انّ أزمة المحروقات لا تكاد تُحلّ إلّا وتعود وتظهر أسبوعياً. فالمازوت مقطوع والبنزين مهدّد دائماً بالانقطاع، في حال توقفت الشركات المستوردة عن التوزيع، في حين انّ موزعي الغاز يهدّدون بدورهم بوقف تسليم الغاز…
يعود السبب للاضطرابات المستمرّة في سوق المحروقات الى كيفية التسعير واحتساب سعر الصرف في جدول تركيب الاسعار الصادر عن وزارة الطاقة، بالإضافة الى جعالة الأطراف المعنيّة كافة. بالاضافة الى ذلك، طلب مصرف لبنان امس من الشركات المستوردة التي يؤمّن لها البنك المركزي دولارات استيراد المحروقات على سعر الـ19 الف ليرة، تأمين 10 في المئة من قيمة المحروقات بالدولار نقداً و90 في المئة بالليرة اللبنانية. هذا الإجراء، وفقاً لعضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، لن يؤثر على أرباح الشركات ولن يكبّدها اعباء مالية في الوقت الحالي، لأنّ نسبة الـ10 في المئة التي ستسدّدها بالدولار، محتسبة ضمن جدول تركيب الاسعار الصادر عن وزارة الطاقة على أساس سعر صرف عند 21 الف ليرة. لكنه اوضح لـ«الجمهورية» في المقابل، انّ تأمين الـ10 في المئة بالدولار سيتطلب من الشركات اللجوء الى السوق السوداء، لأنّ محطات الوقود تبيع البنزين بالليرة اللبنانية وتسدّد قيمته للشركات المستوردة بالليرة وبالتالي، لا تملك الاخيرة الدولارات، وسيتوجب عليها تأمينها من السوق الموازية، أي بسعر صرف يفوق حالياً المعتمد في جدول تركيب الاسعار (21 الف ليرة) بحوالى 500 ليرة، مرجّحا ألّا يشكّل هذا الفارق حالياً أي إشكالية لدى الشركات، التي اكّد انّها مستمرّة بالتوزيع.
لكن البراكس تخوّف من ان يؤدي هذا الامر على المدى البعيد الى أزمة جديدة، حيث حذّر من ان تزيد النسبة التي طلبها مصرف لبنان من 10 الى 15 في المئة لاحقاً او اكثر، مما سيضغط أكثر على سعر الصرف في السوق، في وقت لم يعد المواطن يتحمّل مزيداً من ارتفاع في سعر صرف الدولار وفي اسعار السلع. وأسف ان يتخذ البنك المركزي هذا الإجراء في الوقت الحالي قبيل الاعياد وفي فترة شلل عمل الحكومة، والأزمة مع دول الخليج، «حيث اننا بغنى عن تصاعد الأزمات المعيشية».
سعر الصرف
ومن تداعيات قرار مصرف لبنان تأمين 10 في المئة من فاتورة استيراد المحروقات بالدولار نقداً، زيادة الضغط على سعر الصرف في السوق السوداء، حيث سيضطر المستوردون الى تأمين حوالى 700 الف دولار يومياً من السوق السوداء، مما سيزيد الطلب على الدولار ويرفع سعر الصرف، في وقت يتقلّص عرض الدولار في السوق.
أزمة المازوت
بالنسبة لأزمة انقطاع المازوت، أوضح البراكس انّ تسعير المازوت اصبح يتمّ من قِبل وزارة الطاقة بالدولار، في وقت يحدّد جدول تركيب الاسعار سعر مبيع صفيحة المازوت بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر صرف تحدّده الوزارة أسبوعياً. ومع تلاعب سعر الصرف في السوق، يتكبّد أصحاب المحطات خسائر مالية نتيجة شراء المازوت بالدولار وبيعه بسعر محدّد بالليرة، فيمتنعون عن بيعه. ورغم انّ جدول الاسعار الاخير عدّل سعر الصرف المحتسب ليصبح 21 الف ليرة، إلّا انّه لم يلحظ العمولة التي تتقاضاها المصارف مقابل إيداع المحطات قيمة المحروقات بالدولار نقداً لديها.
أزمة الغاز
اما أزمة الغاز، فمردّها الى انّ الشركات المستوردة وشركات التعبئة إما تتوقف عن التسليم مع كلّ ارتفاع في سعر صرف الدولار يفوق التسعيرة المحتسبة في جدول تركيب الاسعار الصادر عن وزارة الطاقة، وإما تطالب الشركات الموزّعة بتسديد نصف قيمة الغاز بالدولار نقداً والنصف الثاني بالليرة، مما يكبدّ الموزعين خسائر مالية ويفقدهم قيمة جعالتهم. واوضح نقيب موزعي الغاز جان حاتم لـ«الجمهورية»، انّ الشركات الموزعة لا يمكنها الدفع للشركات المستوردة بالدولار، لأنّ ذلك سيفقدنا قيمة الجعالة التي نتقاضاها، أي أرباحنا المحدّدة من قِبل وزارة الطاقة، مشيراً الى انّ الموزعين لا يطالبون برفع جعالتهم، «وانّ المشكلة لا تكمن لدينا بل لدى شركات التعبئة والشركات المستوردة التي تحاول أخذ جعالتها منا، في حين انّ عليها حلّ ازمتها مع وزارة الطاقة». وبما انّ الشركات الموزّعة كانت تتجّه نحو الإضراب والتوقف عن توزيع الغاز للاسواق، ذكر حاتم انّه تمّ التواصل مع مدير عام وزارة الطاقة، «الذي طلب منا التريث الى حين عودة الوزير من العراق. كما سيتمّ الاجتماع اليوم مع رئيس تجمّع الشركات المستوردة للمحروقات مارون شماس، للتوصل الى حلّ للأزمة الحالية، لأننا لا نستطيع منفردين تحمّل الإعباء المالية».