لا كلام جدياً بعد عن مصادر تمويل البطاقة التمويلية. مجرد اقتراحات ارتجالية لا تركن الى اساس واقعي او دراسة. الخيارات ضيقة وستكون على الارجح على حساب تنفيذ مشاريع عالقة كسد بسري او قرض النقل وهو ما ترفضه بعض الجهات السياسية رفضاً مطلقاً، فيما يصر عليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يريد للبطاقة ان تبصر النور بأسرع وقت ممكن. في المقابل يحاول البنك الدولي المهتم خصوصاً بقاعدة البيانات ربط منصة البطاقة التمويلية مع قرض الـ 246 مليون دولار اميركي، ليكون مستغرباً الربط بين مشروع لا يزال حبراً على ورق، وآخر دخل حيز التنفيذ.
مسألة ثانية مثار تساؤل مرتبطة بإغفال تطبيق بنود إتفاقيات القرض لناحية اللجنة التنفيذية والوزارات المختصة، وحضور البنك الدولي رغم كونه مخالفاً للقانون. فوضى تعكس تخبطاً وسوء تعاط لا يقل شأناً عن التخبط الذي يحيط كافة القطاعات. ولذا فليس مستهجناً ان ينهي المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، أوليفييه دي شوتر جولته بخلاصة تتهم المسؤولين بتسييس المساعدات واستخدام البطاقة التمويلية ضمن اطار مسيّس، طارحاً علامات استفهام حول المستفيدين من المشروع وآلية اختيارالأسر، ما عزّز الشكوك حول الهدف من الاصرار على ربط البطاقة بمشاريع اخرى على سبيل تمويلها واغفال تطبيق قانون القرض، لا سيما لناحية عمل اللجنة التقنية المؤلفة من المدراء العامين للوزارات المعنية بالمشروع وغياب الوزارات المعنية على حساب حضور مخالف للقانون للبنك الدولي، الذي يهمه بالدرجة الاولى قاعدة البيانات وسحبها من وزارة الشؤون الإجتماعية وتطويق الدولة بالقروض، في وقت يمكن البحث عن تمويل من خلال هبات.
يؤكد مدير الشؤون الاجتماعية القاضي عبد الله احمد ان “تمويل المشروعين المذكورين متوفر سواء من خلال الهبات او القروض، وان المجتمع الدولي أبدى في اكثر من مناسبة امكانية تمويل البرامج التي تستهدف الاسر الفقيرة فقراً مدقعاً من خلال هبات وليس من خلال قروض شرط ان يتم تحديد هذه الأسر”، بحسب احمد فإن “الآليات المذكورة اعلاه لاختيار الأسر الفقيرة فقراً مدقعاً تجعل هامش الخطأ ضئيلاً جداً في ما لو اعتمدت بشكل دقيق وشفاف”.
وفي حين ان مشروع استهداف الاسر الاكثر فقراً والذي تديره وزارة الشؤون الاجتماعية قطع شوطاً مهماً في عملية تحديد الأسر الخمسة وسبعين ألفاً المذكورة، الا ان مشروع شبكات الامان الاجتماعي، وفق قول أحمد، ما زال يعاني من صعوبات كثيرة في التنفيذ، اما مشروع البطاقة التمويلية والذي يستهدف الاسر الفقيرة او المتضررة من مختلف الازمات التي حلت بالبلد مؤخراً (ما يزيد على 500 ألف اسرة تقريباً)، فان تمويله غير مؤمّن حتى هذا التاريخ و”آليات اختيار الاسر التي يمكن ان تستفيد من خدماته التي تقتصر على مساعدة مالية خلاف المشروعين المذكورين اعلاه، تجعل هامش الخطأ كبيراً لان الاعتماد اولاً على المعلومات التي يقدمها المواطن وليس على مشاهدة على الارض، واستمارة مع علامات وأوزان وقاعدة تقيييم علمية”، ولذا يشدد احمد على “ضرورة فصل المشروعين المذكورين اولاً عن مشروع البطاقة التمويلية للاسباب المذكورة اعلاه وتفادياً لعدم اصابة بعض المشاريع بأضرار بعضها البعض، خاصة عندما يتعلق الامر باحتمالية ارتفاع نسبة الاخطاء في مشروع دون الآخر وبحيث لا تزر وازرة وزر اخرى، الامر الذي قد يعرض تمويلها لكثير من الصعوبات. ذلك ان “دعم الاسر سواء كانت فقيرة فقراً مدقعاً او فقراً مطلقاً، وان لم يكن الوسيلة الافضل حسب التجارب الدولية والمحلية، الا انه امر ضروري للغاية لتمرير مرحلة دقيقة وصعبة من عمر هذا البلد، على ان تواكبها تحضيرات جدية لتقديم الخدمات الاساسية في نظام الحماية الاجتماعية والتي يمكن ان تشكل جزءاً مهماً للغاية في حل الازمة الاجتماعية”.