كان لافتاً ازدياد حجم التداول على منصّة صيرفة. خلال بضعة أيام فقط بين نهاية أيلول 2021 ومطلع تشرين الأول 2021، تضاعف التداول نحو خمس مرات. السبب، وفق مصادر في مصرف لبنان، أن «المركزي» أصدر قراراً سمح لشركة OMT بشراء الدولارات المحوّلة من الخارج إلى لبنان على سعر منصّة صيرفة لمصلحة مصرف لبنان حصراً. كما أن هناك سبباً إضافياً محوره الصرافون الذين عمدوا إلى زيادة وتيرة تسجيل العمليات على المنصّة.
هذه الأسباب أدّت إلى زيادة حجم التداول ممّا معدّله مليون دولار يومياً في أيلول، إلى 3.4 ملايين دولار يومياً في تشرين الأول، و4.4 ملايين دولار في أول أسبوعين من تشرين الثاني. مجموع العمليات الحاصلة على المنصّة ارتفع من 20.5 مليون دولار في أيلول الماضي، إلى 58.7 مليون دولار في تشرين الأول، و44.4 مليون دولار في الأسبوعين الأولين من تشرين الثاني.
لكن، لماذا يستسهل الناس صرف الدولارات لدى شركة OMT بسعر أقلّ من سعر السوق الحرّة؟ ثمة إجابة تشير إلى أن الكثير من الأموال التي يتم تحويلها تكون بغرض تسديد ديون، وبالتالي فإن الجهة التي حوّلت الأموال تطلب من الشخص الذي تسلّم الحوالة إيصالاً بسعر الصرف، وهو أمر لا يمكن الحصول عليه من الصرافين بشكل عام أو من تجّار الشنطة و«المضاربجية» المنتشرين في لبنان. يضاف إلى ذلك، أن الفرق لا يكون كبيراً جداً، بين سعر المنصّة وسعر السوق الحرّة عند الصرافين أو «المضاربجية»، وبالتالي من الأوفر لمتلقي الحوالة، ولا سيما الحوالات الأقلّ حجماً، تحويل الدولارات سريعاً إلى ليرات قابلة للصرف مباشرة على شبابيك الشركة الوسيطة، بدلاً من تكبّد كلفة تنقل إضافية للوصول إلى صرافين يدفعون سعراً أعلى. كلفة النقل صارت كبيرة إلى درجة أن الفرق بين السعرين على الحوالات الصغيرة يكاد يوازي كلفة النقل.
الأمر بسيط. بإمكان الصرافين الاستفادة من المنصّة لتسجيل عمليات شراء الدولار، أما بيع جزء من الكميات بسعر السوق الحرّة فأمر يمكن التهرّب منه لتحقيق أرباح وفيرة. هناك أيضاً احتمال ثان، وهو أن الصرافين يسجّلون عمليات البيع والشراء على سعر منصّة «صيرفة»، لكنهم على أرض الواقع يقومون بعمليات بيع وشراء تتضمن أسعاراً مختلفة لا يطلب مقابلها الزبائن إيصالات، أو ليس لديهم مانع من الحصول على إيصالات بسعر أدنى. وغالباً ما يكون هذا النوع من الزبائن طالباً أو حاملاً لكميات تجارية من الدولار النقدي لتصبح الفروقات الصغيرة في السعر مهمة جداً. هكذا انتفخت منصّة صيرفة التي لا تزال لغاية الآن مجرّد برنامج لتسجيل عمليات لا تعكس الأسعار الفعلية في السوق.