عندما يتوقف الدعم تُسعَّر الأدوية بالدولار الحقيقي. وهو ما يحتّم أن تكون أسعار الأدوية الأجنبية متقاربة نسبياً مع أسعارها في دول الجوار كتركيا وسوريا. فكيف يمكن تفسير أن يبلغ سعر دواء ما في لبنان أضعاف ما هو عليه في تركيا كدواء VISANNE على سبيل المثال، تم رفع سعره في لبنان بنسبة 11.3 في المئة فقط، من 994272 ليرة إلى 1106626 ليرة، أي ما يقارب 49 دولاراً (وفق متوسط سعر صرف الدولار عند 22500 ليرة). أما في تركيا فيبلغ سعر الدواء نفسه نحو 13 دولاراً فقط، ما يعني أن سعر الدواء نفسه في لبنان يبلغ نحو 4 أضعاف سعره في تركيا.
عشرات الأدوية تتفاوت أسعارها بشكل كبير بين لبنان وتركيا، منها ما هو أدنى سعراً في لبنان منه في تركيا كـ XENICAL. لكن في المقابل هناك عشرات الأدوية التي تبلغ أسعارها في لبنان أضعاف ما هي عليه في تركيا، ومنها PERGOVERIS البالغ سعره في لبنان وفق التسعيرة الجديدة 15281085 ليرة، أي نحو 679 دولاراً، في حين يبلغ سعره في تركيا 1205 ليرات تركية، أي نحو 120 دولاراً فقط. كذلك دواء MENOPUR عيار IU 600 ارتفع سعره في لبنان إلى 3091695 ليرة، أي نحو 137 دولاراً، في حين يبلغ سعره في تركيا 835 ليرة أي 83.5 دولاراً. أما الدواء نفسه MENOPUR عيار IU 1200 فقد ارتفع سعره في لبنان إلى 6183389 ليرة، أو ما يقارب 274 دولاراً، في حين يبلغ سعره في تركيا 1690 ليرة تركية، أو ما يعادل 196 دولاراً فقط.
أما دواء IMPLANON فقد ارتفع سعره في لبنان 2711303 ليرة، أو ما يقارب 120 دولاراً، في حين يبلغ سعره في تركيا نحو 679 ليرة تركية أي 67.9 دولاراً فقط. أدوية أخرى يتقلص الفارق في أسعارها بين لبنان وتركيا كدواء Spiriva 18 الذي يبلغ سعره في تركيا نحو 17 دولاراً في حين يبلغ في لبنان 453000 ليرة، أي قرابة 20 دولار.
فارق الأسعار بين لبنان وتركيا، وإن كان ضئيلاً في بعضها، وشاسعاً في غالبيتها، غير أن كثير من المرضى لا يتردّدون بالبحث عن مسافر إلى تركيا بين الأقارب والأصحاب، لطلب تأمين أدويتهم، بهدف توفير المال وليس فقط لتأمين الدواء. فالسوق اللبنانية باتت بالنسبة إلى شريحة واسعة من المرضى مصدراً للعذاب النفسي والجسدي، حتى أن منهم من لم يتردد بشراء أدوية بديلة عن أدويته الأساسية من تركيا، لاسيما أن الفارق كبير جداً بين سعر الدواء الأصيل في لبنان والبديل في تركيا، ومن تلك الأدوية على سبيل المثال PYLERA الذي يبلغ سعره في لبنان 1345771 ليرة أي ما يقارب 60 دولاراً، في حين أن سعر أحد بدائله في تركيا يبلغ دولارين فقط، وآخر سعره 11.5 دولاراً.
على الرغم من الأزمة الطاحنة التي تضرب لبنان، وتهدد حياة المرضى وتحرمهم أدنى حقوقهم بالاستحصال على علاجات لأمراضهم، لا يزال التجار متمسكون بأرباحهم بأحجامها السابقة أكثر من أي وقت مضى، وليس ذلك وحسب، بل يطالبون برفع جعالتهم ونسب أرباحهم. فالصيدلي يتقاضى نسبة 22.5 في المئة ربحاً من سعر مبيع الدواء، ويناضل لرفع نسبة الجعالة، في حين يتقاضى المستورد نسبة 10 في المئة ربحاً من قيمة الدواء المستورد، مهما بلغ سعره وبالدولار الأميركي. وتبلغ نسب الزيادات على الدواء المستورد، بين أرباح المستورد والصيدلي ورسوم الاستيراد وعمولة الموزع وغير ذلك، أكثر من 40 في المئة من قيمة الدواء. وهي نسبة عالية جداً.
ولا ننسى أن أسعار الأدوية المقارنة بين لبنان وتركيا لا تزال تخضع لنسب دعم متفاوتة في لبنان، تتراوح بين 25 في المئة و45 في المئة و60 في المئة، وأخرى توقف الدعم عليها كليّاً، في حين أن أسعار عدد كبير منها يزيد كثيراً عن سعره في تركيا.