منذ شهر شباط الماضي، أبقت شركة سوكلين، بعد انتهاء عقدها مع الدولة وإخلاء المطمر، على نحو 10 من موظفيها داخل المطمر للقيام بأعمال الصيانة. مهمّة هؤلاء هي الاهتمام بشبكة الغاز التي كانت تولّد الكهرباء مجاناً وعلى مدار الساعة لـ 7 مولدات تستفيد منها المناطق المحيطة بالمطمر والتي تضرّرت من إنشائه، بحسب قرار لمجلس الوزراء عام 2016.
بعد عام على تشغيل هذه المولدات، سلّمتها سوكلين إلى مؤسسة كهرباء لبنان على أن تغذي المناطق المحيطة بالتيار مجاناً. لكن، سرعان ما اختفت المولّدات والكهرباء المجانية. وعاد العمال الذين كانوا يتقاضون رواتبهم من سوكلين إلى مهمتهم القديمة وهي التخلّص من الغازات المنبعثة عبر حرقها، إذ إنّ شبكة الغاز موصولة بأنابيب تحت الأرض ومفتوحة عبر ريغارات يستخدمها العمّال لتنفيس الغازات التي تتجمّع داخل المطمر، إضافة إلى تمديدات لـ 4 فليرات (مشعلة) مهمّتها حرق هذه الغازات عبر ساعات الضغط الموجودة تحت الأرض. ويقوم العمال بعملية الحرق والتنفيس مرتين يومياً، بمعدّل 4 ساعات صباحاً و4 ساعات ليلاً.
يقوم العمال بسحب العصارة إلى خلاط كبير لتخلط فيه مع أطنان كبيرة من الكلس قبل أن تنقلها الصهاريج إلى نهر الغدير. كما كان هؤلاء يهتمون بالعشب الذي زُرع على مساحة المطمر التي تُقدّر بـ 291 ألف متر مربّع والتعامل مع أي حادثة حريق يُمكن أن تحصل. يدرك العاملون أنّ نشوب أي حريق، ولو كان صغيراً، يعني كارثة حقيقيّة. ولذلك، كانوا يستنفرون في الشتاء إذا ما ضرب البرق حفرة الغاز التي سرعان ما تشتعل ليقوموا برمي التراب الموجود على متن جرافات في قلب الحفر لقطع الهواء عنها وإخماد الحرائق. أما في الصيف، فإنّ العشب الذي يغطي مساحة المطمر معرّض للاشتعال بسبب عدم ريّه باعتبار أنّه يحتاج إلى ملايين الليترات من المياه. وعليه، عملت سوكلين على تسييج المطمر لمنع دخول أي شخص إليه خوفاً من رمي مواد قابلة للاشتعال.
أبقت «سوكلين» على عمالها بسبب خبرتهم في التعامل مع المطمر، رغم انتهاء عقدها مع الدولة، بعدما فشل مجلس الإنماء والإعمار في الاتفاق مع شركة تدير أعمال صيانة المطمر بحسب دفتر الشروط. وتشير بعض الشركات التي رفضت عرض المجلس إلى أنّ الاتفاق كان يقضي بصيانة المطمر والاتفاق مع شركات متخصصة في توليد الكهرباء من الغازات مقابل الدفع بالليرة أو عبر شيكات مصرفيّة.
في المحصلة، تحوّل المطمر، كما سائر المكبات العشوائية، إلى خطر حقيقي يهدّد السكان المحيطين به، وخصوصاً أنّ العمال لم يقوموا بمهمّة تنفيسه وحرق الغازات المنبعثة منه منذ 5 أيّام، أي بمجموع 40 ساعة. كما أن عصارة النفايات التي تتجمّع انسيابياً في «منطقة فايف» ستتسرّب إلى التربة والمياه، علماً بأنّ المعلومات تُشير إلى أنّ معدّل العصارة الذي يتجمّع في المستنقعات يومياً هو 340 طناً. هذا ما دفع كثيرين من أهالي منطقة الناعمة ــــ حارة الناعمة والمناطق المحيطة إلى رفع الصوت أمس خشية وقوع انفجار يشبه انفجار المرفأ ويعرّض حياتهم للخطر.
ويؤكّد الخبير البيئي ناجي قديح أنّ الغازات لا تزال تنبعث بمعدلات مرتفعة من المطمر ولو أنّها وصلت إلى ذروتها في المرحلة الماضية، محذراً من أنّ وجود الغازات في وسط هوائي في منطقة مقفلة ومضغوطة تحت الأرض ثم اختلاطها مع الهواء بمعدّل 5 إلى 15% يحوّلها إلى خليط قابل للاحتراق التلقائي وانفجارات موضعيّة تزداد مخاطرها مع كبر حجم المساحة المضغوطة، وخصوصاً مع غياب الموظفين الذين يستطيعون التعامل مع مثل هذه الحوادث الطارئة.