جرت إنتخابات نقابة الصيادلة يوم الأحد، وفي يوم الإثنين، تحولت النقابة الى خلية نحل. نزل نقيب الصيادلة الجديد جو سلوم الى النقابة وعقد أوّل إجتماع بحث فيه ضرورة توفير التأمين الصحي للصيادلة. وتقرّر تحويل النقابة بالفعل لا بمجرد القول الى “بيت الصيادلة”. نصدق؟ نصغي الى النقيب الجديد يتكلم بلهجة فيها من الثبات الكثير. نسمع، من دخل للتوّ الى مكتبه، يقول له: “أملنا بكم كبيراً”. فماذا يمكن أن يفعل نقيب شاب (41 عاماً) أتى في الوقت الذي انقلب فيه كل شيء رأساً على عقب وباتت الصيدليات بلا أدوية ما وُجد منها أسعاره نار والمرضى مشاريع موتى والبلد متخم بأدوية غير حائزة على شهادة المواصفات؟
نسمع النقيب الجديد يردد كلمة التغيير مرات لكن ألم يأتِ هو من رحم حزب يُردد من ثاروا في 17 تشرين ضده “كلن يعني كلن والكتائب واحد منن”؟ يجيب “صحيح أنا كنت رئيس ندوة الصيادلة وعضو في اللجنة المركزية في الكتائب وأنا كتائبي وأفتخر لكنني يوم ترشحت علقت عضويتي في الحزب لأنني أردت الفصل بين العمل السياسي الحزبي والعمل النقابي، مع العلم أنني لست واثقا تماماً بكلمة مستقلّ. إنها كلمة فضفاضة. فليس هناك أي لبناني بلا اي هوى. لذا أثق أكثر بالإستقلالية عن التبعيات الضيقة وعدم السماح بالتدخلات والإمرة من أيٍّ كان” يضيف “ترشحتُ من صيدليتي كجو سلوم وخضت معركة نقابية بحتة. الصيادلة اختاروا التغيير الحقيقي. إختاروا كرامتهم وحقهم واختاروا من رأوا فيهم السمات والممارسات النضالية وصمام الأمان لنوعية الدواء وجودته في لبنان والحفاظ على المثلث الضامن للدواء: أي المكاتب العلمية ومن ضمنها الشركات والمصانع والصيدليات”.
نصل الى اللبّ، ماذا عن حال الصيادلة اليوم؟ يقول النقيب “تعتورنا مشاكل كثيرة. أولا، إيرادات النقابة تضاءلت جداً. لا استيراد للأدوية. اليوم نقابة الصيادلة توفّر التأمين الصحي للصيادلة، وقد سدد حتى اليوم 7000 صيدلي اشتراكاتهم اما عددنا الفعلي فيزيد عن 10,000 صيدلي، وبالتالي تغطي النقابة التأمين الصحي الى أكثر من 40,000 شخص بين صيادلة وعائلاتهم. لذا نواجه اليوم معضلة تأمين هذا الكمّ بسبب تدني الإيرادات وتدني سعر صرف الليرة. نحاول المستحيل للمواجهة. نواجه أيضاً خروج الأدوية من الصيدليات وعدم قدرة أصحابها على إعادة تكوين “الستوك” بسبب ارتفاع الأسعار وعدم توافر الأدوية. نواجه موضوع تهريب الأدوية وانقطاعها والمستوصفات والدكاكين. ونواجه أزمة الشركات والمكاتب العلمية التي تنتقل الى بلدان أخرى وتصرف المندوبين الطبيين والموظفين والمصانع التي لا قدرة لديها على الإستمرار.هذا كله يغيّر هوية لبنان. وهو ما قلته الى رئيس الجمهورية يوم زرته (منذ يومين). قلت له علينا المحافظة على هوية لبنان المتمثلة أولا بالهوية الدوائية، والمحافظة على جودة الدواء ونوعيته، وعلى المكاتب العلمية التي كانت إشراقة ثقافية. هذا لبنان. مبرر وجود لبنان هذا التميّز. نحن منذ عامين نطالب بترشيد الدعم. ورفع الدعم جزئياً عن ادوية “البراند”. صرفنا مليار و200 مليون دولار في عام وثلاثة أشهر. وكانت الأدوية تباع في السوق السوداء. لكن لم يصغِ إلينا أحد. هذه مجزرة في حق المواطن وصحته ولبنان”.
ماذا يُقصد بالهوية الدوائية؟ وماذا لو انضمت البطاقة الدوائية في مصيرها الى مصير البطاقة التمويلية؟ يقول “المحتاج يهمه الدواء قبل البنزين وربما قبل الرغيف. فلنعد بطاقات الى هؤلاء نضع فيها مبلغاً من المال، على أن نتعقب الدواء الموصوف بدءا من الشركة الى الصيدلية الى المريض، وبذلك نمنع الإحتكار والتخزين والتهريب والسوق السوداء وتجار الشنطة ونعطي المريض القدرة على شراء الدواء من الصيدليات. وبهذه الطريقة نحمي المواطن ولا ندمر القطاع الصيدلي. وهذه البطاقة تحتاج الى قرار وإرادة، والى منصة شبيهة بتلك التي أعدت للقاح.
اذا عن الصناعات الدوائية المحلية التي تراهن عليها؟ هل هي قادرة على سدّ الفجوة؟ يجيب “تستطيع الصناعات الدوائية، إذا حصلت على المواد الأولية، تغطية 70 في المئة من السوق المحلية. المعامل مجهزة تماماً ويملك العاملون فيها كامل الخبرات. فلنستفد منهم” ويستطرد “لا نعرف حتى الآن ماذا فعلوا بأموال الدعم؟ لدينا 11 معملاً لتصنيع الأدوية فلماذا لم تُدعم مباشرة؟ لماذا نبحث عن البديل العراقي والاردني والتركي ولدينا إمكانية صناعة كثير من الأدوية المزمنة هنا. فلتكن لدينا الروح الوطنية”.
تحدثت عن البديل العراقي والأردني والتركي، ماذا عن البديل الإيراني الذي “تسلل” الى السوق اللبنانية ولا يملك الشهادات اللازمة؟ يجيب “نحن لا مشكلة لدينا مع المصدر إنما مشكلة النوعية ومدى مطابقتها مع مواصفات ومعايير الجودة وبالتالي اي دواء يدخل الى لبنان لا يحمل هذه الصفات نحن ضده.