مثل كثير من الخدمات والتسهيلات والبرامج التي كان يقدمها القطاع المصرفي اللبناني لمودعيه، توقفت المصارف مؤخرا عن إعطاء فوائد على الودائع وانتهى بالتالي ما كان يعرف بالحساب المجمّد. وعليه، اصبحت كل الودائع في المصارف اللبنانية حسابات جارية يمكن سحبها ساعة يشاء المودع ضمن سقف محدد، واكثر من ذلك بات كل مودع مضطرا لدفع رسوم شهرية للمصرف كبدل بقاء وديعته لديه لا تقل عن 5 دولارات.
تنهي المصارف اللبنانية تباعا الامتيازات التي كانت تقدمها لمودعيها والتي شكلت على مدار السنوات عنصر جذب للرساميل الاتية خصوصا من الخارج ولعل الفوائد المرتفعة كانت احد أهم عناصر الجذب التي شكّلت لاحقاً، برأي البعض، احد الاسباب التي سرّعت في الانهيار المالي والمصرفي والنقدي التي نعيشه اليوم.
وللتذكير فإن الفوائد على الدولار في القطاع المصرفي قبل بدء ثورة 17 تشرين الاول 2019 كانت بحدود 6.61 % اما اليوم فتراجعت الى 0.23 %، اما الفوائد على الودائع المصرفية بالليرة فكانت 9.03 % وتراجعت اليوم الى 1.34 % ما يكشف ان الفوائد على الودائع بالليرة اصبحت متدنية جدا بينما انعدمت على حسابات الدولار.
اذاً، توقفت المصارف عن اعطاء الفوائد على الايداعات مع العلم انه بعد الأزمة ما عادت الفوائد عنصر جذب للمودعين بحيث تحول همهم الاكبر ابتداع سبل لسحب الوديعة اي جنى العمر من المصرف أكان عبر بيعها شيكات مصرفية او سحبها وفق التعميم 158 او 151 الذي اجاز سحبها على 3900 ليرة للدولار وبعد تعديله سمح بسحبها وفق سعر صرف 8000 ليرة اواستعمالها لشراء شقة سكنية… وفي ظل هذه «العلقة» تبدلت الاحوال وباتت القيود على الوديعة والتي تمنع صاحبها من سحبها كاملة تُحتّم على المودع اكلافا ورسوما يحددها كل مصرف، وفق سياسته، تبدأ من 5 دولارات شهريا ويستحيل على المودع التنصّل منها.
في هذا الاطار، أكدت مصادر مصرفية لـ”الجمهورية” انه بعدما صارت الفوائد على الودائع معدومة انتهى ما كان يعرف بحسابات مجمدة، فالفائدة على الليرة باتت ما دون 1 % والفائدة على الدولار باتت بحدود الصفر في المئة. وعليه، ما عاد هناك فرق بين الحساب المجمد والحساب الجاري، وبالتالي كل من يستحق حسابه المجمد يصبح تلقائيا حسابا جاريا.
وعمّا اذا كانت المصارف لا تزال تحصل على فوائد من توظيفاتها الموضوعة لدى مصرف لبنان، قالت المصادر: انها لا تزال تحصل على فوائد من توظيفات قديمة وليس على الحديثة، اضافت: انه بعد ازمة تشرين قررت المصارف خفض فوائدها الى حدود الصفر في المئة وذلك بسبب الكابيتال كونترول. وشرحت ان الفوائد المعطاة في السابق كانت تهدف الى جذب الرساميل وإبقائها في لبنان، اما اليوم وبعد الأزمة الحاصلة والقيود المفروضة على الودائع ما عاد من حاجة للفوائد.
واذا كان الهدف من تحويل كل الودائع من حسابات مجمدة الى حسابات جارية هو خفض حجم الودائع الدولارية للمصارف التجارية تقول المصادر: ان مصير الودائع مرتبط بخطة التعافي التي تعدها الدولة اللبنانية والتي لا تزال قيد البحث مع صندوق النقد الدولي.
وردا على سؤال، أشارت المصادر الى ان حجم الودائع الدولارية في المصارف اللبنانية تبلغ 105 مليارات دولار، بينما يصل حجم الودائع بالليرة الى 40 الف مليار. ولفتت الى ان قرار مصرف لبنان الاخير بسحب الدولار من المصرف على 8000 ليرة من شأنه ان يزيد من حجم سحوبات حسابات الدولار، خصوصاً ان الفارق بين هذه التسعيرة وتسعيرة السوق السوداء تقلصت قليلا وبالتالي ان الـ hair cut على المودع بات اقل.
أضافت: لكن كون قرار المصرف المركزي الاخير استبق بالتعميم 158 الذي يسمح بسحب 800 دولار شهريا نصفها بالدولار والنصف الاخر وفق دولار 12 الفا، فسيكون حجم السحوبات الشهرية أقل لأن قسما من اصحاب الودائع الدولارية يسحبون وفق التعميم 158 اي انهم يحصلون اصلا على حاجتهم الشهرية.