يشتد الخناق على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فالمطالبات بإقرار الموازنة تأتي من كل حدب وصوب، من الدول القريبة والبعيدة، ولكن يبدو أن صندوق النقد الدولي قرر إعطاء ميقاتي بعض النفس، من خلال تأجيل زيارته الى لبنان والاستعاضة عنها بلقاءات افتراضية عن بُعُد.
في شهر كانون الأول، العام الماضي، كانت الزيارة الأخيرة لوفد الصندوق الى لبنان، برئاسة أرنستو راميريز، وكان من المفترض أن تحصل الزيارة الرسمية الأولى للبعثة الموسعة خلال الثلث الأخير من شهر كانون الثاني الجاري، للتفاوض على تفاصيل برنامج التعافي الإقتصادي والمالي المتوقع مع لبنان، ولكن تم تأجيل هذه الزيارة.
أمس الأول، اعلن المتحدث بإسم الصندوق أن فريقاً منه سيعقد اجتماعات عمل عن بُعد، مع السلطات اللبنانية في الاسبوع الاخير من كانون الثاني الجاري، وستركّز المناقشات، وفق المتحدث، على التحديات المتعددة التي تواجه لبنان، بما فيها تحديات الاقتصاد الكلي والمالية العامة والوضع المالي.
تختلف الزيارة الميدانية لوفد صندوق النقد عن لقاءات العمل عن بُعُد، تقول مصادر وزارية، مشيرة الى أنّ من أهم أسباب تأجيل الزيارة، ليست الكورونا كما يقول البعض، إنما الوضع السياسي المتشنج الذي يمر به لبنان وتعطيل الحكومة، حيث كان يُفترض بالفريق أن يزور حكومة أنتجت الموازنة الّتي تُعتبر شرطاً أساسياً للإصلاح المطلوب من قبل الصندوق.
ان هذا الإصلاح الذي يُفترض أن يظهر من خلال بنود الموازنة هو الاختبار الحقيقي الأول لحكومة ميقاتي، وحيث أن الموازنة لا تزال بعيدة، فإن الصندوق قرّر تأجيل الزيارة، مع العلم أنه كان ينوي القيام بزيارة ثانية في شهر شباط، ولم يعد يُعرف مصيرها أيضاً.
بظل استمرار الصراع السياسي، وغياب الحكومة عن معالجة المشاكل الأساسية التي يعاني منها اللبناني، وعلى رأسها ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة، أصدر مصرف لبنان تعميمه الجديد الذي يتحدث فيه عن “أنه يحقّ للمصارف، زيادة عن الكوتا الّتي يحقّ لها شهرياً، سحبها بالليرة اللبنانية وأصبحت تأخذها بالدولار الأميركي على منصّة صيرفة، أن تشتري الدولار الأميركي الورقي من مصرف لبنان مقابل الليرات اللبنانية الّتي بحوزتها أو لدى عملائها، على سعر منصة صيرفة من دون سقف محدَّد”.
إن هذا التعميم يسعى بوضوح لضخ الدولار في الأسواق مقابل سحب الليرة، فبعد أن وصلت الكتلة النقدية بالليرة الى 50 ألف مليار، أيّ حوالي عشر أضعاف ما كانت عليه بداية الأزمة، يريد رياض سلامة سحب الليرة لتخفيض هذه الكتلة واستعادة السيطرة على سعر الصرف الذي وبكل تأكيد لم يصل الى حدود الـ33 ألف ليرة لأسباب اقتصاديّة.
تؤكد المصادر الوزارية أن تعاميم المصرف المركزي لن تجد الصدى اللازم في الأسواق، والسبب ببساطة هو أن أي حل للازمة الاقتصادية، أو حتى بداية حل يجب أن ينطلق من تعاون مشترك بين كل المؤسسات في الدولة، على رأسها مجلس الوزراء والمصرف المركزي، مشددة على أن التعاميم التي تُطرح هكذا “منفردة” ستبقى قاصرة عن تحقيق أي إنجاز.