الغاز المصري حلّ بفوائد كثيرة… فهل تذلّل العقبات؟

ألغازٌ خارجية أضيفت على المشاكل الداخلية في ملف الكهرباء، لتجعل منه واحداً من أعقد الملفات وأكثرها استعصاء على الحلحلة. فمن جهة يخضع إعفاء الدول المشاركة بإيصال الغاز والكهرباء عبر سوريا من عقوبات «قيصر» إلى شروط صارمة، ومن جهة أخرى تدّعي بعض التقارير الأجنبية أن الغاز الواصل إلى لبنان سيكون مصدره إسرائيلياً وليس مصرياً.

إذا كان من السهل على كل من مصر، الأردن ولبنان تجنب التعامل مع الكيانات والأفراد المتهمين بالفساد أو المدرجين على لائحة «SDN «Specially Designated Nationals And Blocked Persons) List التابعة لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية)، فهل باستطاعة السلطة اللبنانية الاجابة موضوعياً على الشرط الأميركي الذي يسأل عن: «ماهية الخطوات التي سيتخذها لبنان لضمان استخدام هذه الكهرباء لصالح الشعب اللبناني؟». فكلمة لـ»صالح» قد تكون «مطاطة»، وهي تنطوي على تخفيض الهدر في الانتاج والتوزيع، وتعزيز الجباية، وإجراء الإصلاحات المطلوبة؛ وفي مقدمها: تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، ووقف السرقة والتعديات وتعديل التعرفة… واللائحة تطول بمطالب تشكل مادة خلافية أساسية تعيق أي تقدم في هذا الملف.

العقدة الثانية التي لا تقل أهيمة تتمثل في صدور تقارير صحافية إسرائيلية تدعي أن كمية الغاز الذي ستصل إلى لبنان، والمقدرة بـ 50 مليون قدم مكعب يومياً، مصدرها إسرائيل وليس مصر. هذه التقارير التي بدأت مؤخراً تصدر عن مؤسسات صحافية رسمية «بدلت الصورة بشكل كامل»، بحسب الباحث الاقتصادي الأردني المتخصص في شؤون النفط والطاقة عامر الشوبكي. «فهي تفترض أن كميات الغاز ستأتي مباشرة من إسرائيل ولن يكون لمصر أي دور في تصدير الغاز إلى لبنان». وبحسب الفرضية الاسرائيلية سينقل الغاز من المنصة الاسرائيلية العائمة على سواحل البحر المتوسط التي تجلب الغاز من حقلي «تنين» و»تمار»، مروراً بالأراضي الفلسطينية إلى محطة «الخناصري» في الأردن، ومنها إلى سوريا فلبنان، عبر خط الغاز العربي، و»هذا يمثل الطريق الاقصر»، برأي الشوبكي. «أما بالنسبة إلى مصر فسينحصر دورها بملكيتها لخط الغاز العربي الذي يمر في الأردن. في حين أن خط الغاز الذي يمر في سوريا مملوك من شركة روسية، والخط الذي يصل إلى لبنان مملوك بالشراكة بين سوريا ولبنان». وما يدعم هذا الافتراض بحسب الشوبكي أن «الكمية المتفق عليها بين الأردن واسرائيل بواقع 300 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً تفوق حاجة الاردن بقرابة 50 مليون قدم مكعب. وهي للمفارقة نفس الكمية التي تتطلبها محطة دير عمار في شمال لبنان».

الفرضية التي تتحدث عنها التقارير الاسرائيلية تفترض بحسب الخبيرة في شؤون حوكمة الطاقة، وعضو المجلس الإستشاري للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز LOGI ديانا القيسي «وجود إتفاقية سرية بين كل من مصر وإسرائيل». بمعنى، أن تتستر مصر على مصدر الغاز من إسرائيل ضمنياً، وتتبنى علناً تصدير غازها إلى لبنان. و»هذا أمر مستبعد ويجافي المنطق الجيوستراتيجي لدولتين بهذا الحجم والعمق، واحدة منهما تصرح عنه والأخرى تنفيه»، برأي القيسي. «أما الافتراض أن الغاز الاسرائيلي يلتقي بالغاز المصري عند وصلة «العريش – بور سعيد» ويدخلان سوياً إلى خط الغاز العربي، فهذه ليست مسؤولية الجانب اللبناني إنما المصري.

التسليم بأن مصدر الغاز سيكون من مصر، لا يذلل كل العقبات. فالجانب المصري لن يوقع الاتفاقية إلا بعد حصوله على ضمانات رسمية تصدر عن الكونغرس الأميركي بعدم إمكانية تعرضه للعقوبات»

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةسلفات ماليّة لمكاتب «الضمان» لتسديد تقديمات صحّية
المقالة القادمةمؤشر تراجع أسعار المحروقات والسلع الغذائية