صندوق النقد يطلب تحجيماً لعدد موظفي الدولة

من عهد وزاري الى آخر وعلى مرّ السنوات، تضخّم عداد الموظفين في المؤسسات العامة والوزارات الى نحو “320 ألف مستخدم ومتعاقد مع الإدارات والمؤسسات العامة والقوى العسكرية والأمنية وهو رقم كبير جداً قياساً الى حجم العمالة في لبنان”، كما أكّد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين خلال حديثه الى “نداء الوطن”. وهذا الرقم يشكّل نسبة 25% من حجم القوى العاملة في لبنان ما يعتبر كبيراً، مشيراً الى أن “الدول التي تعتمد اقتصاداً صحيحاً تتراوح نسبة الموظفين في القطاع العام لديها بين 7 و10% من إجمالي العمالة في البلاد”.

ويعزو شمس الدين هذه النسبة الكبيرة في الإقبال على التوظيفات في الدولة اللبنانية الى البطالة المرتفعة وانعدام فرص العمل في ظلّ الزبائنية السياسية والطائفية. لدرجة ان التوظيف في الدولة بات المجال الوحيد المتاح”. ويرى أن “لبنان يحتاج الى أقل من 100 ألف موظف في القطاع العام بما فيها القوى العسكرية والأمنية، باعتبار أن الأمن في لبنان وكما هو معروف سياسي وليس عسكري، اي يمكن حلّ الأزمة الأمنية سياسياً وليس عسكرياً”.

وبالنسبة الى مطلب صندوق النقد الدولي الخاص بخفض عدد موظفي القطاع العام خلال فترة تمتد من 5 الى 10 سنوات، يلفت الى أن “هذا الأمر سيزيد من البطالة وسيتسبب بمشكلة إجتماعية واقتصادية خطيرة نظراً الى صعوبة المرحلة التي نمرّ بها”. مؤكّداً في الوقت نفسه أنه “لا يمكن صرف أي موظف من القطاع العام في الوقت الراهن ونحن على أبواب إنتخابات نيابية، ولكن مقابل ذلك يمكن إعطاء حوافز للاستقالة المبكرة. أما على المدى الأطول فيمكن اعتماد سياسة الصرف عند انتهاء الأزمة أي بعد عامين كحد أدنى”. لكن كيف؟

حلول عدة طرحت من قبل خبراء لبنانيين في المجال، الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك على سبيل المثال أعدّ ورقة شاملة باللغة الانكليزية عن الحوكمة التي تفتقدها الدولة تطرّق فيها الى معالجة مشكلة تضخم التوظيفات في القطاع العام. في حين أن الخبير الإقتصادي روي بدارو كانت له مقاربته التي لطالما اطلق العنان لها كحلّ أمثل.

حايك عرض لـ”نداء الوطن” تفاصيل خطته فأشار الى ضرورة تولي شركة تقييم الهيكل التنظيمي للمؤسسات العامة، والمراكز التي يجب أن تكون متوفرة وهي غير موجودة، كمركز إدخال البيانات، وسكريتاريا…” وأضاف: “تقدّم العالم كثيراً اليوم وبتنا نحتاج الى موظفين لديهم خبرات عالية في مجال الكومبيوتر. من هنا ضرورة تحديد مهمة كل وظيفة والصلاحيات التي تناط بالموظف ومواصفاته والمسؤولية التي تلقى على عاتقه”.

وفي ظلّ واقعنا الحالي، يقترح حايك في الورقة على غرار سائر المؤسسات في العالم “تشحيل” الإدارة العامة نسبة 3% سنوياً من المستخدمين، واعتماد قاعدة الـ 360 درجة في التقييم، أي المدير يقيّم عمل الموظف ويبدي الموظف رأيه بأداء مديره، وبذلك يكون التقييم من الجانبين. فتتمّ عملية الصرف من العمل استناداً الى الاداء وليس استناداً الى فئة او طائفة معينة، على أن يستبدل المصروفون بكوادر شابة، هكذا نوفّر فرص عمل للشباب خصوصاً في المراكز التي تتعلق بالتكنولوجيا، فتلحق الإدارات العامة من خلال تجديد العمالة لديهم بركب التطور العالمي”.

أما الإقتصادي روي بدارو، فعرض لمقاربته المختلفة عن الحلول التي طرحت. برأيه إن العمالة في القطاع العام لا يجب ان تتعدّى نسبة 10 في المئة من إجمالي القوى العاملة في البلاد. ينضوي في الجيش على سبيل المثال نحو 90 ألف مواطن، وفي الأمن الداخلي نحو 50 ألفاً، فضلاً عن سائر العاملين في الجمارك وأمن الدولة… وبالنسبة الى قطاع التربية أكّد أن “هناك نحو 50 أو 55 ألف مستخدم في وزارة التربية والجامعة اللبنانية. أما في المدارس الرسمية فنشهد فائضاً في اساتذتها، اذ مقابل كل استاذ هناك بين 8 و 10 تلاميذ. من هنا تبرز الحكومة الإلكترونية كإحدى الحلول للتخفيف من تضخم العاملين في القطاع العام.”

بين الحلول المطروحة لفائض الموظفين تجميد التوظيف لمدة 10 سنوات، مع تجميد الأجور بعد تصحيحها نسبياً عند استقرار سعر الصرف. ينفذ ذلك مع برنامج تدوير داخلي بين الوزارات والادارات والمؤسسات العامة بحيث تملأ الشواغر حيث يجب من الفوائض حيث هي، بمواكبة برامج تأهيل وتدريب، مع اعطاء اهمية قصوى لتطبيق الحكومة الإلكترونية في موازاة كل ذلك.

 

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقةفي القطاع العام 220 ألف موظف فائض وغير منتج
المقالة القادمةشو يعني “ميزان المدفوعات”؟