إبقاء سلفة الكهرباء خارج بنود الموازنة خطوة يجب أن تضع حداً نهائياً للسلفات العشوائية، والتي كانت في معظم الأحيان تتم تحت ضغط الخوف من الإنقطاع الكامل للتيار الكهربائي، وما يؤدي من إنهيار في الشبكة، وغرق البلاد في العتمة الشاملة.
وربط تمرير السلفة بإعداد الخطة الكاملة للكهرباء، مع جدول زمني لعودة التيار ٢٤/٢٤تدبير طبيعي مع مؤسسة هدرت أكثر من أربعين مليار دولار، ولم تستطع وقف تراجع ساعات التغذية التي وصلت إلى الصفر في أكثر من منطقة، وأقتصرت على ساعة واحدة فقط منذ أسابيع في بيروت والضواحي.
ولكن التجارب السابقة، خاصة في عهد حكومة ميقاتي الثانية، وبالذات عام ٢٠١٢، علمتنا أن الخطط على الورق شيء، والواقع على الأرض شيء آخر، حيث أتحفنا رئيس التيار الوطني جبران باسيل، وكان وزيراً للطاقة، بما عُرف يومها برنامج إصلاح قطاع الكهرباء، ويتضمن خططاً بإنشاء محطات لتوليد الطاقة واحدة في الشمال، وأخرى في الجنوب، وثالثة في حالات، وهذه أثارت جدلاً واسعاً حول جدواها، رغم الإسراع في شراء أرض غير صالحة لمثل هذا المشروع. وترافق طرح هذا البرنامج مع وعود عرقوبية أطلقها باسيل متعهداً بعودة التيار الكهربائي على مدار الساعة وفي كل المناطق اللبنانية بحلول عام ٢٠١٥ !
بلغت كلفة البرنامج المزعوم مليار ومئتين وخمسين مليون دولار، ورفض باسيل عروضاً من صندوق التنمية الكويتي للمشاركة بالتمويل بقرض ميسَّر مع فترة سماح لخمس سنوات. ولم يتجاوب مع عروض شركة سيمنس الألمانية، التي جاء رئيسها إلى لبنان مع المستشارة الألمانية السابقة ميركل، للبحث في مساعدة لبنان بقضية الكهرباء المزمنة.
مقتل الخطة التي أعدها وزير الكهرباء الحالي، أنها ركزت على تمويل معامل التوليد الجديدة من الداخل فقط عبر مضاعفة التعرفة الحالية عدة مرات، ولم تلحظ إمكانية إشراك الشركات الأجنبية الكبرى، مثل سيمنس وجنرال الكتريك، في إعادة هيكلة هذا القطاع الذي يُعاني من إنهيار مزمن، عبر تجديد شبكات التوزيع وتنويع مصادر الطاقة، والإهتمام بإنتاج الكهرباء النظيفة، عبر المروحيات الهوائية، وتجديد قدرات الطوربينات العاملة في السدود المائية، وخاصة سد الليطاني، على أن تستوفي أموالها من خلال بيع الكهرباء بأسعار إقتصادية مدروسة للدولة، التي تتولى توزيعها على المشتركين، وتتولى تحصيل الأموال منهم.
من المؤسف فعلاً أن يبقى ملف الكهرباء الحيوي يدور في دوامة الترقيع والتسكيج، طالما بقيت العتمة تحجب الرؤية عند أهل الفشل والفساد.