بما أنّ لبنان بعيد كلّ البعد من لغة الأرقام، ما من إحصاء رسمي حول حجم البطالة اليوم، لا سيما في صفوف حاملي الشهادات. انطلاقاً من إحصاءات قامت بها دائرة الإحصاء المركزي ودراسات أعدتها مؤسسات خاصة، «توصلنا إلى الرقم الوسطي للبطالة بين منتصف العام الماضي والرّبع الأول من العام الجاري، والذي يتراوح بين 40 و50 في المئة من حجم القوى العاملة»، بحسب مسؤول دائرة المعلوماتية في وزارة العمل الباحث الاقتصادي زهير فياض. معنى ذلك أنّ نحو نصف القوى العاملة في لبنان لا تعمل. ولفهم المسار التصاعدي المتسارع للبطالة، يمكن مقارنة النسبة اليوم بما كانت عليه في السنوات السابقة. فبحسب تقرير أعدته منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل، «ارتفعت معدلات البطالة من 11.3% عام 2018 إلى 18.5% عام 2019، وقفزت إلى 36.9% عام 2020، وستبلغ 41.4% عام 2021». ووفق آخر تقارير إدارة الإحصاء المركزي، «بطالة الشباب هي الأعلى عام 2018 وتبلغ 23.3%. وترتفع لدى حاملي الشهادات الجامعية إلى 35.7%».
ؤكد فياض انتشار البطالة في صفوف حاملي الشهادات: «في كل عام من السنتين الماضيتين، هناك حوالي 30 ألف خريج انضمّوا إلى جيش العاطلين من العمل». صحيح أن البطالة المقنعة منتشرة منذ سنوات، لكنها تزداد بوتيرة متسارعة. وذلك يعود، بحسب فياض، إلى «الأزمة الاقتصادية الاجتماعية التي تعصف بلبنان وعدم الاستقرار السياسي، تضاف إليهما جائحة كورونا التي أثرت في الاقتصاد العالمي بما فيه الاقتصاد اللبناني المتعثّر أصلاً». ويشرح: «اقتصاد لبنان يعتمد على القطاع الخدماتي والقطاع المصرفي، وجرّاء الانكماش الاقتصادي والأزمة المصرفية جرى تسريح آلاف الموظفين خصوصاً في مؤسسات مصرفية وإعلامية وخدماتية كالفنادق والاستشفاء».
والحل، وفق فيّاض، «يرتبط بانتظام الوضع السياسي ووضع استراتيجية لتحويل الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد منتج بالدرجة الأولى. وهذا ممكن لأننا نملك عناصر القوة التي يمكنها إنقاذنا». يكفي أن يريد أصحاب القرار ذلك، ويضعوا خطة التعافي على السكة الصحيحة ليستبشر حاملو الشهادات أن تجري رياح لبنان يوماً كما شاءت سفينتهم.