كلنا مع استرجاع أموال المودعين.كل المودعين.كلنا يرفض تحميلهم أدنى خسائرومستاؤون من ممارسات البنوك والسقوف التي يضعونها على السحوبات والفوائد المرتفعة التي يفرضونها وعدم تطبيقهم للكثير من التعاميم والقوانين، وخصوصا من الاستنسابية التي يتعاملون بها مع العملاء. لكن مهلا ماذا يحصل حين يتطرّف القضاء في بعض الأحكام ويستعجل فرض الاختام على الخزنات –دون ان نخوض في الخلفيات ان كانت سياسية او شعبوية.ماذا يحصل عندها؟..الا تتأذى المصلحة العليا للبلد وللناس؟لمصلحة من اقفال المصارف؟لمصلحة من القضاء على هذا القطاع؟لمصلحة من ان يتوقف استيراد القمح، الدواء،النفط والمحروقات في وقت نحن في أشد الحاجة الى تدعيم امننا الغذائي والاستراتيجي. هل يسرنا أن يسير كل العالم المتقدم الى الدفع بواسطة البطاقات والى العملة الرقميّة فيما اقتصادنا يرجع الى “الكاش”حصراحين تقفل البنوك؟! من يدفع للموظفين رواتبهم وكيف يحصل المودعون على الفتات من أموالهم؟ هل ان اقفال البنوك –وهم يتوعدون بذلك- يحل المشكلة؟اليس الأجدى ايجاد حل لكل المودعين وليس لبعضهم بشكل أفرادي؟.
أما المخاوف من تعطّل استيراد الأساسيّات المدعومة التي أوردناهافجدّية عبّرت عنها المصارف المراسلة التي تتابع ما يجري بين القضاء والمصارف اللبنانية، وذلك بحسب مصادر شديدة الإطلاع عبر “النشرة” والتي روت لنا القصة الكاملة لما حصل في قضية أحد المصارف.
تقول المصادر ان القضية تتعلق بوديعة عامل تبلغ حوالي 30 الف دولار طلب تحويلها الى مصر فأعطاه البنك شيكا بالمبلغ عند كاتب العدل واستلمه المودع واقفل حسابه ولم يعلن انه يرفضه. وبعد ستة اشهر جاء ليفتح حسابًا جديدا فرفض المصرف لأنّبعض المصارف لا تفتح حسابات جديدة في هذه الفترة، ولا قدرة لها على تحويل مال لأحد العملاء دون غيره، خصوصا ان المطالبات عديدة في هذا الإطار.وتشرح المصادر أن احد المحامين (المعروفين بتأييدهم لـ”الثورة”) تدخل وأقنع المودع انه سيحصّل له حقّه،فجاء الحجز الاحتياطي على أموال البنك واستأنف الحكم، لكن القاضية مريانا عناني “لم تنتظر”الحكم التنفيذي(حسب المصادر) بل أعطت أمر المباشرة وإقفال لصناديق في البنك بالشمع الأحمر، واعتبر المصرف أن في هذا الإجراء تعسفا لأنه كان بالأمكان الحجز على ملكية صغيرة توازي مبلغ الوديعة 30 الف دولار وليس لتشمل كل الصناديق في كل فروعه.
وتتابع المصادر عينها الى ان ادارة المصرف هنا اتّخذت جانب التحدّي حتى انها “دلّت”مأمورة التنفيذ الى موقع الصندوق الاساسي الكبير لتختمه واتّصلت ادارة البنك بقائد الجيش والدرك وبوزير المالية معلنة انها ستسيّر فقط المقاصّة والاعتمادات، لكنها لن تتعامل بالكاش ولن تدفعالرواتب، وهذا ما ابلغته ايضا لمصرف لبنان. وهنا بدأت الاتصالات فقرّرت القاضية عناني كسر الشمع الاحمر عن صندوقين في الفرع الرئيسي ولفتح آلات السحب (ATM) فرفض المصرف واشترط صدور قرار قضائي آخر.
وفي السياق عينهاشتكى مصدر قريب من المصارف عبر “النشرة” ما وصفه بـ”غوغائية قضائية”، مشيرا الى منع السفر لرؤساء خمسة بنوكالّذي جاء قبل صدور القرار الظني الّذي رأى فيه”مبالغة وتطرفا في الاحكام”.
في هذا السياق عبّرت المستشارة القانونية لجمعية”أموالنا لنا”مايا جعارة بردويل عبر “النشرة”عن خشيتها من تسوية في هذه القضيّة”ورفضت”اي تدخل للسياسة في القضاء”.
وتشرح جعارة ان اهميّة هذا القرار تكمن في انه رفع النقاب وفضح الحكومة إذ اننا رأينا كيف علا صوت رئيسها الذي خاف على المصارف وبدأ بالتهويل على المودعين، فإذا به راح يحذّر من تفاقم الامور الى ما لا تحمد عقباه علماً انه العارف أنّ المسؤولية الإئتمانية المترتّبة على المصارف تفرض عليها أن تتحمّل مخاطر توظيف الأموال برساميلها.
ورأت ان الاجراءات صحيحة وعلى ضوء تمنّع المصرف المُشار اليه عن تسديد الوديعة للمنفّذ بعملة الايداع، فقد اتخذت دائرة التنفيذ قراراً احترازياً قضى بالختم بالشمع الاحمر حفاظاً لحقوق المنفذ المدين.
لكن رغم قانونية هذا القرار ترى جعارة ان خطراً يكمن في ان نشهد تدخلا سياسياً على غرار ما جرى على اثر تعليق العمل بالتعميم ١٥١ من قبل مجلس شورى الدولة.بينما المطلوب اليوم بحسب المستشارة القانونية لجمعية”أموالنا لنا”اصدار قرار يقضي بمنع كتاب العدل استقبال معاملات العرض والايداع من قبل المصارف لزبائنها الذين يطالبون بأموالهم او يقاضون المصرف، اذا فعلا هناك من حرص على اموال المودعين،خاصة بعد ان اضحى ثابتاً ان الشيك المصرفي ليس وسيلة للإيفاء ولا يبرّئ ذمّة المصرف بمجرد ايداعه لدى كاتب العدل، وبالتالي عدم اعتباره بمثابة سند تنفيذي. وطالبتجمعية المصارف اتخاذ القرارات المناسبة التي من شأنها إعادة الاموال المودعين جدول واضح وموضوعي،اضافة الى عدم تدخّل الحكومة بالقضاء،لأنّ الشعب سيستفيق من سباته العميق وسيواكب القضاء النزيه والحازم والشفّاف في حربه على من يسطو على أمواله.
وخلصت الى القول ان قرار رئيسة دائرة التنفيذ لا يبرّر على الاطلاق التوقف عن تلبية خدمات العملاء في أي فرع، واعتبرتها حجة تختلقها المصارف للتأثير على الرأي العام بغية فتح الباب للسلطة السياسية للتدخل مرّة جديدة لإنقاذ شركائها من ورطتهم!.