تمنى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في عظة الفصح، “ان يكون عيد القيامة قيامة لوطننا من أزماته الاقتصادية والمالية والمعيشية، وعيد سلام واستقرار في بلدان الشرق الأوسط، ولاسيما في فلسطين والعراق وسوريا، وعيد رجوع جميع النازحين واللاجئين إلى أوطانهم وأراضيهم، لحفظ هويتهم وثقافتهم وحضارتهم، وللتخفيف عن كاهل لبنان من عبئهم الإقتصادي والإنمائي ويد عمالتهم”.
وتوجه الى رئيس الجمهورية قائلا: “لقد وضعتم شعارا لعهدكم “مكافحة الفساد” و “قيام دولة القانون والمؤسسات”، وفي نيتكم أن يكون عهدا مفصليا بين لبنان مضى ولبنان يشرق من جديد لأجيالنا الطالعة. فلا بد من البدء بمكافحة “الفساد السياسي” الظاهر في سوء الأداء، وإهمال موجبات المسؤولية عن الشأن العام، والغنى غير المشروع بشتى الطرق، واستغلال الدين والمذهب لخلق دويلات طائفية في هذه أو تلك من الوزارات والإدارات العامة وأجهزة الأمن، وتكوين مساحات نفوذ فوق القانون والعدالة وسلطة الدولة. ومن الضرورة إعادة بناء الوحدة الداخلية وتعزيز الولاء للوطن قبل أي ولاء آخر، وتحقيق اللامركزية الإدارية الموسعة، وسن قوانين بنيوية لإصلاح الدولة المركزية”.
اضاف: “وبما أن “العدل أساس الملك”، فإنا نؤيد كل ما قلتموه منذ خمسة أيام في احتفال نقابة المحامين، بشأن تحرير القضاء من تدخل أية مرجعية سياسية أو حزبية أو مذهبية، ومن التعدي على صلاحياته من أي جهاز أمني. كما يجب تنقية الجسم القضائي من الداخل، منعا لأي شبهة، وتطبيقا لقاعدة الثواب والعقاب. نحن مع فخامتكم نريد للقضاء أن يكون فعلا سلطة دستورية مستقلة. وكون عصب الدولة اقتصادها وماليتها، فإنا إذ نهنئكم والحكومة على إنجاز خطة الكهرباء، بعد سنوات من الإنتظار أنهكت خزينة الدولة وجيوب المكلفين، نأمل تنفيذ هذه الخطة بما يلزم من الإسراع والشفافية. فهي بداية الإصلاحات المطلوبة من مؤتمر “سيدر”. وفيما نثني على الجهد الهادف إلى إقرار الموازنة، التي كنا ننتظرها خلال الأسبوع الفائت، لا بد من التذكير بوجوب إقرار قطع الحساب لتستقيم مالية الدولة”.
وتابع الراعي: “أما درجة الخطورة التي بلغها الاقتصاد وواقع المال العام والدين المتنامي، فتستوجب من السلطة السياسية اتخاذ تدابير مجدية، بدلا من تقاذف المسؤوليات. وأولى هذه التدابير الواجبة إقفال أبواب هدر المال وسلبه، وضبط الإنفاق والإستدانة، والحد من الفساد والمحاصصة، ولملمة مال الدولة من مختلف مصادره، وجمع ما يتوجب على المواطنين من ضرائب ورسوم، في جميع المناطق ومن الجميع.
أما عملية التقشف فيجب تحديد مساحاتها مع الحرص على ألا تكون على حساب ذوي الدخل المحدود والطبقات الفقيرة، لئلا تزيد من نسبة الفقراء عندنا فوق ما هي عليه، وتتسبب بقيام ثورة الجياع، لا سمح الله!”