مقرّرات اللجنة الوزارية التي لم تحمل جديداً بالنسبة لموظفي الإدارة العامة على مستوى التقديمات، فاجأت الجميع بالتهديدات. فإما العودة إلى العمل بالشروط الموضوعة، وإما الصرف من الخدمة بعد تخلّف يومين عن الحضور. بهذا المنطق الفوقي واللامسؤول تعاملت الحكومة مع من أفقرتهم، مع علمها المسبق بان إجراءاتها ترقيعية، وتقديماتها ستذوب تدريجياً مع بدء التطبيق. فأتى الرد من رابطة الموظفين بعد التصويت على الاستمرار بالاضراب المفتوح. ولا سيما أن السلطة تقوم اليوم بعد مرحلة التجاهل والإهمال، بدهس الموظف بعد تجويعه.
بالاضافة إلى المساعدة الاجتماعية المتمثلة براتب إضافي، سيعطى كل موظف في الادارة العامة وتعاونية موظفي الدولة 95 ألف ليرة كبدل نقل يومي، وتعويض اجتماعي يتراوح بين 150 و350 ألف ليرة. على ألا يستحق التعويض المذكور إلا بحضور الموظف فعلياً الى مركز عمله ثلاثة أيام على الأقل أسبوعياً خلال الدوام الرسمي. هذه القرارات “لم تعط الموظف الشعور بالامان وأن هناك دولة تهتم بمصالحه”، بحسب رئيسة رابطة موظفي الادارة العامة نوال نصر. “هذا من دون التطرق إلى التقديمات المعطاة والتي لا ترقى إلى مستوى المعاناة. فما سمي بتعويض الانتاج هو بمثابة بدل النقل الذي يجب أن نتقاضاه مضافاً إلى 95 ألف ليرة. ومع هذا أتى متفاوتاً بحسب التصنيف الوظيفي بما يحمل ظلماً كبيراً. حيث يستفيد موظف الفئة الخامسة من 150 الف ليرة فيما المدراء العامون من 350 ألف ليرة. ومع هذا يهددوننا بإجراءات قانونية مع العلم أنهم ليسوا بموقع تهديد فنحن أصحاب الحقوق التي سلبت”.
هذه المقررات في حال تطبيقها “ستسبب مشاكل أكثر ما تقدم حلولاً”، من وجهة نظر عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمّال. فـ”الحكومة ميزت ببدل الانتاج عن غير حق بين الموظفين، ولم تعدل ببدل النقل، فقسمتهم فئات مع أن الكلفة الكبيرة التي يتحملونها هي بالنقل وليس بالدور الوظيفي. بالاضافة إلى كون القرار يزرع بذور التفرقة بين موظفي الدولة بسبب التمييز الواضح فهو لن يحل مشكلة المواطنين وقطاعات الانتاج”، برأي رمّال الذي يشدد على أنّ “رجوع الموظفين لا يعني انتظام العمل إلى الادارات، وعودتهم لن تكون ذات فائدة إذا ما ترافقت مع فك بقية الاضرابات في الكثير من المؤسسات. فماذا ينفع الطالب الذي يريد التخصص في الخارج إذا كان عاجزاً عن الحصول على أوراقه المدرسية أو إخراج قيد أو جواز سفر”. ولعل هذا ما عبر عنه بيان اتحاد النقابات العمالية للمصالح المستقلة والمؤسسات العامة الذي أعلن الاضراب التحذيري ابتداء من اليوم الخميس لغاية الثلاثاء 2 آب لعدم شملهم بتعويض الانتاج المقر لموظفي الادارة العامة.
أما لجهة الكلفة التي ستنتج عن القرار فهي تقدر بالمتوسط بحوالى 8.5 ملايين ليرة للموظف الواحد، اذا افترضنا أن متوسط الرواتب هو 2.5 مليون ليرة. وإذا افترضنا وجود نحو 15 ألف موظف في الادارة العامة فان الكلفة ستصل شهرياً إلى 130 مليار ليرة و 1500 مليار سنوياً، و”هذه الزيادة ستستتبع بمطالبات من بقية الموظفين الذين يصل عددهم إلى 350 ألفاً وهنا فان الكلفة ستكون خيالية”، بحسب رمّال، مع العلم أن موظفي الادارة العامة ظلموا أكثر من بقية الموظفين في الزودات الماضية. وليس بهذه الطريقة تحل المشاكل.