سلطت وكالة بلومبرغ الأميركية الضوء على مساعي السعودية الهادفة إلى أن تصبح مركزا لتصنيع أجزاء السيارات الكهربائية، بعد الجهود التي بذلتها مؤخرا من أجل تحقيق هدفها المتمثل في تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط.
وقالت الوكالة في تقرير بعنوان “رهانات بطاريات السيارات الكهربائية في السعودية تحذير للعالم” إن “عاصمة النفط في العالم تريد أن تصبح كهربائية وأن تصبح نظيفة”.
وذكر التقرير أن المملكة اجتذبت عمال مناجم الليثيوم وصانعي البطاريات للعمل على مشاريع مما أدى إلى سد فجوة حرجة في هذه الصناعة.
وتبدأ شركة إيفي ميتال الأسترالية لكيماويات البطاريات والتكنولوجيا تطوير مصانعها لمعالجة مونوهيدرات هيدروكسيد الليثيوم في المملكة، وهو مركب رئيسي للبطاريات، وتخطط الشركة الآن لإنتاج مواد كيميائية عالية الجودة لمواد الكاثود في حزم الطاقة، وهو عنصر مهم يحاول صانعو السيارات الكهربائية الحصول عليه. كما أعلنت شركة أسترالية أخرى أنها وقعت اتفاقا في فبراير لتصنيع السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم بشكل مشترك مع البلاد، وأشار التقرير إلى أن المملكة وقعت اتفاقية لشراء ما يصل إلى 100 ألف سيارة كهربائية على مدى 10 سنوات.
ولتحقيق أهدافها تسعى المملكة لوضع يدها على المعادن الضرورية للبطاريات وتأخذ حصة في سلسلة توريد السيارات الكهربائية، حيث إن إنشاء مرافق التصنيع والمعالجة داخل حدودها هو خطوة ذكية، ولن يساعد ذلك في خفض التكاليف فحسب، بل سيضمن على الفور أن تصبح البلاد جزءا رئيسيا من سلسلة القيمة العالمية للسيارات الكهربائية؛ فحتى الآن إلى جانب الصين لم يتمكن سوى بضع دول أخرى من زيادة نطاق التصنيع.
وتريد السعودية أن تكون 30 في المئة من السيارات على طرق عاصمتها كهربائية بحلول نهاية هذا العقد.
ولدى المملكة جميع مقومات النجاح فهي تمتلك الموارد ورأس المال والأهم من ذلك كله القناعة، وهذا ما تفتقده عدّة شركات وبلدان، وهي تستخدم الآن ميزة أسعار النفط والطلب عليها لإجراء انتقال يكافح الآخرون من أجله. كما أن موقعها الجغرافي يسمح لها بتزويد أوروبا والحصول على الموارد من الصين وأستراليا. وبدأت المملكة في تقييم وإصدار تراخيص التعدين بسرعة للاستفادة من مواردها المعدنية، بقيمة محتملة تقدر بنحو 1.3 تريليون دولار، أي ما يعادل 4.9 تريليون ريال، كما يمكنها تطوير مواردها الخاصة أيضا فقد أصبح الليثيوم الموجود في المنتج الثانوي للمحلول الملحي حول حقولها النفطية مصدرا رئيسيا للمعدن مع اتساع العجز في العرض، ويعمل الباحثون الآن على إيجاد طرق فعالة اقتصاديا لإزالة الليثيوم ومعالجته في شكل نقي بما يكفي للاستخدام في البطاريات.
ويرى التقرير أن المملكة تمكنت من الاستفادة من الفرص عبر التقدم في مواد البطاريات، حيث كان يمكن أن يشكل هذا التحول تهديدا كبيرا لاقتصادها إلا أنها حولته إلى فائدة طويلة الأجل، مشيرا إلى أنه لن يكون مفاجئا أن تحول الدول قريبا اعتمادها على النفط السعودي إلى مواد البطاريات الحيوية التي تنتجها السعودية.
وقالت بلومبرغ إن تقدم المملكة في تصنيع مواد البطاريات سيؤدي إلى تحويل “ما يمثل تهديدا كبيرا لاقتصادها إلى فائدة على المدى الطويل”.
وأوضحت أنه “لن يكون مفاجئا إذا انتهى الأمر قريبا بالشركات والدول إلى مبادلة اعتمادها على النفط السعودي بمواد أساسية للبطاريات”.
وأعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية عن مشروعات بقيمة 6 مليارات دولار كجزء من دفعة أكبر لتعزيز صناعة التعدين.
وتدرس الرياض 150 طلب ترخيص تقدمت بها شركات أجنبية لأغراض الاستكشاف عن المعادن.
وتجري مجموعة فوكسكون، وهي أكبر شركة لتجميع أجهزة آيفون، محادثات لإنشاء مصنع بقيمة 9 مليارات دولار لتصنيع رقائق وأجزاء السيارات الكهربائية.
وقالت وكالة الأنباء السعودية في تقرير سابق تعليقا على الاتفاقية إنها تتماشى مع تحقيق مستهدفات “رؤية المملكة 2030″، التي تسعى لتحقيق إصلاحات واسعة النطاق على مستوى الاقتصاد والمجتمع وجودة الحياة وتنوع اقتصاد المملكة.