رضي اللبنانيون بـ”همّ” زيادة تعرفة الاتصالات 5 أضعاف، مرشحة للارتفاع مع كل تغيير بمعدلات “صيرفة”، ووَهْم تحسين الخدمات لم يرضَ بهم. إذ إن “الغاية من زيادة الأسعار لم تكن بهدف تفعيل الخدمة، ورفع الانتاجية، وتقوية الارسال، وزيادة القدرة على تحمل الضغط، إنما للإستمرار بـ”حلب” هذا المرفق، وتغطية نفقاته الباهظة. ومنها، ما يدفع لـ 1700 موظف بالدولار على سعر صيرفة، عنوة عن كل الموظفين”، بحسب مصدر متابع، و”رغم هذا الانفاق تستعين الشركتان المشغلتان للخلوي بشركة خاصة بكلفة 32 مليون دولار سنوياً لتوفير الكهرباء وصيانة الأعطال. فهل الإصلاح يكون بإثقال كاهل المواطنين بالدفع على خدمة سيئة لزيادة المغانم وأخذ بركات السياسيين من التوظيفات الزبائنية؟”.
يثبت قطاع الإتصالات في لبنان المثل القائل “المال لا يشتري كل شيء”. ومن دون الابتعاد بالزمن كثيراً، فان خدمات الإتصالات قبل الأزمة كانت الاسوأ على الصعيد العالمي “على الرغم من تحقيق القطاع عائدات تفوق 1.7 مليار دولار سنوياً”، يقول المصدر، الأمر الذي يؤكد أن المشكلة تكمن أولاً في العقلية التي يدار بها هذا القطاع. حيث يتركز الهم على كمية الإيرادات وليس نوعية الخدمات. ولعل ردّ أحد مسؤولي الشركتين نيابة عن وزير الاتصالات على سؤال نائب في لجنة الاعلام والاتصالات النيابية، عن سبب حصر صلاحية الخط بشهر واحد، كافية للتدليل على هذه العقلية، حيث أجاب أن “زيادة مدة صلاحية الخط إلى 6 أشهر تخسّرنا 40 في المئة من الإيرادات”. فهل تحول عمل الشركات إلى تحصيل الضرائب بدلاً من تحسين الخدمات وتحفيز المواطنين على استعمال الخلوي وخدماته؟!
الحجة لسوء الخدمة كانت عدم القدرة على توفير مادة المازوت والصيانة لتشغيل المحطات وشراء قطع الغيار، ومن المفترض أن تكون الاسباب المعرقلة قد انتفت مع زيادة التعرفة، إلا أن هذا ما لم يحصل. والدلالة بقاء عطل في إحدى الشركتين أكثر من 8 ساعات، ما حرم مشتركيها من خدمة 4G بشكل كامل، وتقطع خدمة GSM CALL وتكبيد المشتركين أكلافاً كبيرة. وغياب مركز الاتصالات CALL CENTER … وهلمّ جرّاً. فـ”خدمة التوظيفات الزبائنية والسياسية بنحو 100 مليون دولار في السنوات العشر الاخيرة لا تنتج قطاع اتصالات ناجحاً ومتطوراً”، برأي المصدر، و”لا يجوز إرهاق المواطن بالمزيد من الاكلاف من أجل تأمين الرواتب للموظفين بالدولار، وإلا يضربون ويشلون المرفقين الحيويين”.
لكي تكون الزيادة مبررة يجب أن تكون على الانتاجية أولاً، وأن تترافق مع المساءلة ثانياً، والامران غير محققين. فتقرير ديوان المحاسبة الذي تحدث عن صرف، كي لا نقول هدراً، كلّف قطاع الاتصالات في 10 سنوات مبلغ 6 مليارات دولار غير مبرر، لم يستدع أي محاسبة أو ملاحقة جدية”، بحسب المصدر، “أو أقله مساءلة الموظفين الموقعين على البيانات والجداول والمعاملات. وهو الأمر الذي إن دل على شيء، فعلى تقصير فاضح، ونية بترك المؤسسات تُسرق على حساب المواطن والخزينة”.