إهتزازات الدولار تكوي الناس والقرطاسية نار

كأنه كتب على لبنان ألا يرتاح، فتأرجحات الدولار وذهاب البلد نحو الفراغ، كلها مؤشرات تنذر بكارثة بدأت ملامحها تتضح ما ان بدأت لعبة الدولار، ولا تستبعد مصادر اقتصادية مطلعة ان تكون لعبة سياسية لتصفية حسابات آخر العهد ولو كانت على حساب المواطن الذي يئن من الغلاء الذي لا يرحمه على ابواب المدارس.

وفيما العين تتجه نحو الزيارة المرتقبة للمبعوث الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت والرد الاسرائيلي المنتظر، كانت مراكب الصيادين تتجه من طرابلس وبيروت وصيدا وصور نحو الناقورة، في رسالة شعبية بحرية تؤكد التمسك بحق لبنان بثروته النفطية والغازية. مراكب أريد من خلالها التأكيد ان الثروة للبنان يرفض التنازل عنها، فهي بالقاموس اللبناني «خلاصه من جهنم» وبالقاموس العسكري ضمانة مستقبل.

ولا عجب ان تزايدت الرسائل المشفرة هذه الايام، سواء بالمراكب البحرية او حتى برسائل بريدية عسكرية سريعة توجه للعدو للضغط عليه اكثر، فكل الاحتمالات مفتوحة هذه الايام وغير مستبعدة، في الوقت المستقطع المتبقي في رحلة التفاوض المنتظرة.

والى خط الطفّافات المقابل للناقورة وصلت المراكب رافعة العلم اللبناني وأكد المشاركون ان ثروة لبنان خط احمر لا تهادن ولا تنازل عنها ولو بالدم.

فترسيم الحدود يحتل اولوية هذه الايام عند المواطن تماماً كما تحتل الاولوية العودة الى المدرسة مع ما تحمله من صدمات في الاسعار، فالاهتزازات المالية مع بداية ايلول وتقلبات اسعار الدولار ومزاجية اسعار المحروقات «ساعة نزول وساعة طلوع»، كلها مؤشرات تقلق المواطن وهو على فوهة الانفجار.

حكماً البلد مشلول ومعطل والعين تتجه نحو الاستحقاقات المنتظرة سواء السياسية كانتخاب رئيس للجمهورية او المدرسية من قرطاسية ونقل وغيرها.

فالقرطاسية باتت اليوم لمن استطاع اليها سبيلاً، فأسعارها نار وتفوق قدرة صاحب الدخل المحدود، ووجد الاهالي أنفسهم عاجزين عن تأمين دفتر وقلم وممحاة، فهذا يحتاج ميزانية بحد ذاتها، والذهاب نحو معارض القرطاسية او التفكير بالمكتبات مكلف للغاية، فأقل قلم ودفتر سعره يبدأ بدولار واثنين وترتفع صعوداً.

على ابواب المدارس التي سيفتح بعضها مطلع الاسبوع المقبل، يقف الاهالي اليوم بين توفير القرطاسية او تقسيطها، فالامكانيات لا تسمح لشرائها دفعة واحدة في ظل فورة الفواتير المرتفعة، من اقساط المدارس الخاصة في ظل غياب المدرسة الرسمية الى فاتورة نقل الطلاب الكاوية وفاتورة التعليم وقد بات من اغلى دول العالم…

في معارض القرطاسية تتعرف على أب ينظر الى اسعار الاقلام ويبكي، على أم تحاول اقناع ابنها بعدم اهمية هذا الدفتر لانه غالي الثمن، تتعرف على حسن الذي يحاول اقناع ابنته بالاستغناء عن الشنطة لانها «مش حلوة».

في المعرض يقف أبو أحمد مذهولاً من الاسعار، عادة ما يقصد الاهالي المعارض لانها ارخص ولكن هذه الايام « لعبة الدولار» تفعل فعلها، لم تبقِ على الرخص حال، والبحث عن قلم ودفتر رخيص بات من الزمن الماضي. يؤكد أبو أحمد انه عاجز عن شراء شنطة لابنه بـ30 دولاراً فراتبه في القوى الامنية لا يتجاوز الـ100 دولار فكيف مع ثلاثة اولاد، يجزم انه عاجز، «شو بعمل؟ بسرق وبشتري قرطاسية»؟ وأكثر يقول: «لا يكفينا ارتفاع الاقساط ومعها بدل النقل الذي يكسر الضهر، الا واضيف اليها القرطاسية».

مع تقلبات الدولار ارتفعت اسعار القرطاسية وملحقاتها الضعف تقريباً، وطبعاً «الحق ع الدولار»، يقول اصحاب المكتبات مؤكدين ارتفاع الاسعار بشكل خيالي وتفوق امكانيات كثر ولكن هذا هو الواقع. يقول فادي صاحب مكتبة ان «القرطاسية كلها عالدولار، وهو ما رفع اسعارها مرتين وثلاث، فقلم الحبر الذي كان قبل الازمة بـ250 ليرة بات اليوم بـ20 ألف ليرة فما بالك بالدفاتر والاقلام الاخرى؟ هناك اهالٍ يقصدون المكتبة يسألون عن الاسعار ثم يرحلون فقرطاسية الطالب تحتاج قرابة المليون ليرة، ومن لديه 3 اولاد يضطر للتقنين او الاستعارة، وهذا ما يؤكده حسين مشيراً الى انه اشترى فقط قلماً وممحاة ومبراة واحدة لكل ولد من اولاده الاربعة، و»هذا كلفته 600 ألف ليرة، والباقي سأشتريه كلما سنحت لي الظروف، فالوضع صعب، والاصعب ان يخسر اولادي دراستهم، وهو ما لن اسمح به».

على ما يبدو سيكون عام الاهالي المدرسي مثقلاً ومكلفاً ويحمل متغيرات «صعوداً» طالما لعبة الدولار «تحكم البلد»، فإذا كانت القرطاسية نار، فالنقل الى المدارس «بيهد الضهر» وفي لبنان اطلب العلم ولو بالتقسيط.

مصدرنداء الوطن - رمال جوني
المادة السابقةآليّةٌ جديدة لتسعير البنزين اليوم
المقالة القادمةقانون الشراء العام: هؤلاء الملتزمون… والمعترضون