في الوقت الذي تقنن فيه المصارف عمليات تبديل الليرات إلى الدولار بواسطة التعميم 161، ما زال حجم التداول على منصة صيرفة مرتفعاً، وقد سجل يوم أمس 52 مليون دولار. وهو ما يدل على أن “المصارف عادت إلى عادتها القديمة بالاستنسابية في توزيع حصتها من دولارات المركزي، المسجلة لديها قبل يوم من الاستحقاق”، برأي خبير المخاطر المصرفية د. محمد فحيلي. و”قد تكون تسعى بذلك لإرضاء كبار زبائنها بتأمين الدولارات لهم مقابل ودائع تحت الطلب، أو تحويلات من الخارج تستفيد منها بالعمولات”. بعبارة أخرى، تيسّر العملاء التجاريين، وليس بالضرورة العمليات التجارية، بمئات آلاف الدولارات، وتتشفّى بمعاملات التجزئة للموظفين وصغار المودعين التي لا تتجاوز أحياناً كثيرة المئة دولار.
حجة المصارف بعدم تحويل الرواتب أو المبالغ التي تقل عن 14 مليون ليرة إلى الدولار “تلصق في ظهر” مصرف لبنان، وإشاعة الاخبار عن قرب توقف صيرفة. فالاخير “جسمه لبّيس”، ولا يكذّب عنه خبر. إلا أن هذه المرة “حبل الكذب قصير”. فـ”المصارف تسجل حجم التحاويل قبل 24 ساعة على أقل تقدير، وتأخذ، على ما يبدو من أرقام صيرفة، حصتها كاملة من الدولار”، بحسب فحيلي. ومن جهة اخرى فان وقف العمل بالتعميم 161 له ظروفه الخاصة التي يحددها مصرف لبنان وليس المصارف التجارية، و”هذه الظروف لم تنضج بعد”، من وجهة نظر فحيلي. فالتعميم 161 هو الطريقة الوحيدة لابقاء المنصة حية، ومن دون التداول على المنصة ستتوقف وسيفقد مصرف لبنان القدرة المبدئية على توحيد سعر الصرف. وستتعرقل كل عمليات التسعير التي جرت في الماضي وفقاً لسعرها، مثل دولار الاتصالات، والتي ستجري في المستقبل مثل الدولار الجمركي.
خيار المصارف بتوفير الدولارات لكبار العملاء، وليس للقطاعات الانتاجية، ومن دون القدرة على تحديد حاجاتهم الفعلية، على حساب صغار العملاء والمودعين يحرم الفئة الاخيرة من دولرة رواتبها. الامر الذي يزيد من عوز الموظفين والمودعين الصغار، ويحرمهم من تحقيق فرق وصل يوم أمس إلى 6 آلاف ليرة مقابل كل دولار. وهو ما يساهم بزيادة الطلب على النقد الصعب، ويؤدي إلى استمرار سعر الدولار بالارتفاع.