مجدّداً، عاد موظفو القطاع العام الى الشارع، ملوحين بالعودة الى الاضراب المفتوح، ما يعني ان البلد متجه الى مزيد من الازمات، ليضاف الى سلة الاضرابات، القطاع العام. لم يستوعب البلد ضربة المصارف، ولا حتى تعطل حركة المحاكم ومن قبلها فورة موظفي «اوجيرو»، حتى دخل القطاع العام على الخط، وقد مني بنكسة خطيرة جراء تحلل العملة الوطنية وعجز الموظف عن الحضور الى العمل. أحد لا ينكر حجم المأساة التي حلت بإدارات الدولة، معظمها «عالعتم» وتخلو من الاوراق والاقلام وابسط مقومات العمل، فالمعاملات متوقفة الا تلك التي تخضع للرشوة، فكلفة انجاز معاملة عقارية بسيطة تكلف المواطن مئة دولار واكثر، هؤلاء الموظفون لم يلتحقوا بركب المعترضين على الرواتب والنقل، هم بحسب مايا، «مرتاحون على وضعهم لانهم عم يتقاضوا ثمن كل معاملة 3 و4 و5 اضعاف، اما الموظف صاحب الضمير فمدعوس».
مجدّداً ينفذ موظفو القطاع العام اعتصاماً امام سراي النبطية، هذه المرة حمل لغة التهديد بالاضراب المفتوح، ورفض كامل لمساعدة راتب 3 مرات، ما يطالبون به مساواتهم بموظفي «اوجيرو»، اي تقاضي الراتب وفق منصة صيرفة.
ففيما المصارف مغلقة حتى الاثنين، كان القطاع العام يهتز مجدداً، فموظفوه دخلوا في صراع مع دولة تريد تهجيرهم لتخفيف «الحشو»، وتمارس بالتالي مزيداً من تضييق الخناق على موظف وقف على ابواب المدارس عاجزاً عن تسجيل اولاده، اذ ان المنح التعليمية في مهب لعبة الدولار، وهو عاجز عن تسديد فواتير الطبابة والاستشفاء وحتى تأمين حليب لأولاده، فوعود الحكومة تحولت هباء منثوراً، لم ينالوا منها سوى يوم الانتاجية، أما بدل النقل والمساعدة فلزمت ادراج المصارف.
تقول سناء: «الحكومة كذبت علينا»، فهي ارادت تسيير امورها لا اكثر على حسابنا، وضعت بدل انتاجية لهذه الغاية، وتخلت عن الموظف الذي يعيش ظروفاً نفسية قاسية، تؤثر على انتاجيته. ما يحصل هو محاولة لتهجير الموظف نحو عمل آخر»، وتؤكد أنها امضت سنين طويلة داخل الادارة العامة التي دخلتها بكفاءتها، «فكيف تتخلى الدولة عنّا بهذه السهولة»؟
حملت زهراء هواجسها الى الاعتصام، أكدت «اننا لسنا من هواة الاضرابات، ولكن رواتبنا لم تعد تكفي خبزاً ناشفاً، لم يتركوا لنا خيارات، وصلنا الى مرحلة ما بقى قادرين نكمل»، وترى ان «الموظف بات بلا سند، يخشى المرض لان فواتير المستشفيات تكسر الظهر، والحالة النفسية اليوم اخطر بكثير من الحالة المادية وهذه لا تنظر اليها الدولة التي اوصلتنا الى هذا المستوى».
منذ شهرين وموظفو القطاع العام ينتظرون تطبيق قرار الدولة القاضي بدعهمم، قرار لم يصرف حتى الساعة، كما أكد عضو رابطة الإدارة العامة حسن وهبي، مطالباً بتحويل الرواتب على سعر منصة صيرفة، اسوة بموظفي «اوجيرو». فـ»مفعول الإنتاجية التي اعطونا إياها وهو بدل الحضور بين 150 و350 الفاً حسب الفئة ينتهي آخر الشهر وعليهم ربط موضوع الإنتاجية بالدولار وغير ذلك مرفوض».
يبدو ان القطاع العام دخل مجدداً في لعبة الكيل بمكيالين مع الدولة التي تسعى لتخفيف عدد موظفيها بل دفعهم للبحث عن وظيفة، وهذا ترى فيه إليسار، موظفة الاقتصاد ،»نكتة سمجة، فكيف لنا ان نجد عملاً آخر وانا منذ عشر سنوات اعمل في دائرة الاقتصاد؟ الموظف لن يدفع ضريبة هذا الامر، لانني نجحت بكفاءتي اضف الى ان لا وظائف في البلد، ندفع ضريبة تلكؤ الدولة بدفع المساعدات وبدل النقل، الذي طار وما وصل».
لم تضع الحكومة خطة انقاذية للقطاع العام أبقته في مهب العاصفة، فيما الموظف لم يجد غير الشارع للدفاع عن حقوقه. فمن سيكسب؟ الدولة او الموظف؟