لم يصدق اللبنانيون ولا المستثمرين ولا المضاربين في السوق السوداء، أن لبنان قد دخل مدار عصر النفط وانضمّ عملياً إلى نادي الدول النفطية، بدلالة التحليق اليومي لسعر صرف الدولار الأسود على أرض الواقع، وسط التوقعات بتخطّيه عتبات غير مسبوقة في المرحلة المقبلة، وعلى وجه الخصوص مع اقتراب موعد الشغور الرئاسي في ظل حكومة تصريف أعمال خلال أيام، وبالتالي، وبعدما اجتاز الحاجز النفسي أربعين ألفاً لكل دولار في الأسبوع الماضي، تسري معلومات في الشارع عن أن الإرتفاع قد بات من دون سقف.
وكان من المفروض، وفق الباحث الإقتصادي الدكتور جاسم عجاقة، أن يؤدي إعلان بهذا الحجم الهائل من الأهمية، حول إنجاز اتفاق الترسيم بين لبنان وإسرائيل، إلى انعكاسات إيجابية في سعر الصرف (لصالح الليرة) وفي الحركة الإقتصادية عموماً وفي كل المجالات، إنما هذا الأمر لم يحصل.
واعتبر عجاقة رداً على سؤال لـ “ليبانون ديبايت”، عن أسباب التناقض في المشهد ما بين الحديث عن أن لبنان أصبح بلداً نفطياً وان المرحلة المقبلة ستشهد فورةً إقتصادية، أن التداعيات الفورية والكبيرة لاتفاق الترسيم البحري على الإقتصاد، لم تتحقق، معرباً عن أسفه لهذه النتائج الميدانية.
وبالتالي، كشف عجاقة، أن أي انعكاس على سعر العملة وتحسّن قيمتها في وجه الدولار، لم يحصل، بل على العكس، استمر تراجع الليرة ولم يتراجع سعر الدولار، وفق كان مرتقباً بعد الإعلان عن الإتفاق، مشيراً إلى أن هذا الأمر لم يحصل ولم يُترجم عملياً في الإقتصاد، إذ لم يتحرك أي قطاع اقتصادي، أو في الأسواق المالية، لسببٍ وحيد وهو غياب الثقة بالطبقة السياسية وبالنظام الاقتصادي والمالي والمصرفي القائم وبالأجهزة الرقابية وبالقضاء.
وأضاف أن المواطن العادي، لم يلمس أي تحسّن على كلّ المستويات وفي مقدمها سعر العملة، بمعزلٍ عن كل التوقّعات الإيجابية المتداولة بأن الترسيم سوف يؤثر إيجاباً على مستوى الحركة الإقتصادية.
وبكل بساطة فإن حجم الإنجاز الذي تحقق على مستوى انتشار رائحة الغاز في الأجواء اللبنانية، لن يقدم ولن يؤخر على مشهد الشارع اللبناني، إذ خلص عجاقة، إلى التكرار على أن “لا ثقة بكل شيء يحيط بنا، وهذا الأمر يعني بكلّ بساطة بأنه مهما كان حجم العمل الذي يجري الحديث عنه، فهو لن يؤدي إلى نتائج إيجابية، خصوصاً في ظلّ الفساد الموجود”.