بعد أقلّ من ثلاثة أشهر على بدء نفاذ قانون الشراء العام، يمكن القول إنّ قاعدة الامتثال راحت تتسع أكثر لتشمل المؤسسات الأمنية والعسكرية وهي التي كانت المبادرة أولاً، الإدارات والوزارات المركزية، المؤسسات العامة لا سيما مجلس الإنماء والإعمار، مجلس الجنوب، مؤسسة كهرباء لبنان، هيئة اوجيرو، الهيئة العليا للإغاثة، اللجنة الموقتة لمرفأ بيروت، مصرف لبنان، الى شركتيّ الهاتف الخلوي، وعدد كبير من البلديات واتحاداتها؟
اذاً، لناحية الشمولية المعبّر عنها في المادة 2، الفقرة 3، والمادة 3 من قانون الشراء العام، يمكن القول إنّ التطبيق سجّل تقدماً ملحوظاً وبالتالي فإنّ الجهات الشارية التي تنفق على مشترياتها أموالاً عمومية، أياً كان مصدرها، سواء الموازنة العامة أو القروض أو الهبات (في غياب النصّ المعاكس)، باتت اليوم في قبضة قانون الشراء العام.
في الواقع، حمل قانون الرشاء العام عنواناً إصلاحياً في مجال مكافحة الهدر في المال، فهل مارست هيئة الشراء العام المنشأة بموجب المادة 74 من القانون المذكور، صلاحياتها؟ وما هي النتائج الأولية للعملية؟
رئيس هيئة الشراء العام جان العلية يوضح لـ»نداء الوطن» أنّه تمّت الإجابة على حوالى 50 طلب ابداء رأي خطّياً، بالإضافة إلى الإجابة الشفهية عبر الهاتف أو اللقاءات التي عقدت في مقرّ الهيئة مع الجهات الشارية للرد على المئات من الأسلئة الاستيضاحية. كما تمّ إصدار توصيتين وتسع مذكرات وقرارين تمّ نشرها على المنصة الالكترونية للهيئة وتمّ تخصيص خانة لمساعدة الجهات الشارية لتلافي الأخطاء الشائعة والمتكررة في تطبيق القانون، وذلك من باب إبداء الرأي وتقديم المساعدة الفنية والإرشاد للجهات الشارية. وفقاً لأحكام المادة 76 من قانون الشراء العام لا سيما في الفقرتين 9 و19 كما عرضت عدّة دفاتر شروط خاصة في الإطار الرقابي المستعد لإعطاء الملاحظات بشأنها بما يضمن تأمين المنافسة والشفافية والمساومة وتكافؤ الفرص وتحقيق القيمة المقابلة للمال المنفق.
ولعلّ أكثر التوصيات الصادرة عن الهيئة إثارة للحساسيات كانت التوصية رقم 1 المتعلقة بإلغاء المناقصة المرتبطة بتأمين خدمات انتاج وتوزيع الطاقة في نطاق امتياز زحلة السابق بتاريخ 23/8/2022 حين سارع النائب سليم عون إلى رفض التوصية وإعلان السير بالمناقصة إلى أن أثبتت الأخيرة فشلها التلقائي بعدم تقدّم عارضين إليها، فيما كان موقف مجلس إدارة كهرباء لبنان مغايراً بعدما زار وفد من المؤسسة برئاسة كمال الحايك هيئة الشراء العام ليعلن التزام المؤسسة بكل ما يصدر عن الهيئة وقد تمّ الاتفاق على وضع دفتر شروط لإجراء المناقصة في أقرب وقت.
من جهته، لم يتردد رئيس الهيئة في استخدام صلاحياته المنصوص عليها في المادة 77 الفقرة السابعة، بانتداب مندوب عن الهيئة لحضور جلسات التلزيم التي تجرى خارجها بصفة مراقب، وكان الاختبار الأول في مزايدة السوق الحرّة حيث سجّل مندوب الهيئة ملاحظات تقنية أدّت إلى طلب الملف بكامله من قبل هيئة الشراء العام لإجراء التوضيحات المطلوبة لبعض الأخطاء التقنية، وكان تجاوب مطلق من وزير الأشغال العامة الذي يصرّ على تطبيق قانون الشراء العام على جميع الوحدات الإدارية التابعة أو الخاضعة لوصاية وزارة الأشغال العامة وهو أصدر المذكرات ذات الصلة التي تحسم موقفه بهذا الشأن.
وأوضح العلية أنّه تمّ رصد مخالفات لدى بعض الجهات الشارية لناحية اجراء مناقصات من دون الإعلان عنها عبر المنصة المركزية وتجاوز نصوص قانون الشراء العام، وهذه المخالفات ستكون كما يؤكد العلية موضع متابعة خلال الأسابيع المقبلة لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة ومنها اقتراح فرض عقوبات.