قالت صحيفة فرانكفورت الغيماينه الألمانية إن تمديد العقوبات ضد إيران يعيق صادرات النفط والغاز، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ما يشكل صعوبة كبيرة وبشكل خاص على تركيا، إن لم يكن يشكل مصدر خطورة.
تعاني تركيا، شريك الناتو، بشدة من قرار واشنطن توسيع العقوبات_على_طهران. ووفقًا لمعلومات الصحيفة، لا توجد دولة أخرى تتلقى هذه النسبة الكبيرة من موادها الخام من إيران، فالزيادة الحالية في أسعار النفط تفاقم من حدة الأزمة الاقتصادية في تركيا التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الاستيراد.
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن الاثنين الماضي عدم تمديد إعفاء إمدادات النفط والغاز الإيرانية إلى ثماني دول؛ فبدءا من شهر مايو المقبل، تواجه تركيا والصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان واليونان وإيطاليا نفس عقوبات جميع الشركاء التجاريين الآخرين إذا استمروا في تلقي المواد الخام من إيران.
أما أكبر المشترين لمصادر الطاقة الإيرانية فهما الصين والهند، لكن تعتمد تركيا أكثر على هذا المصدر. وبحسب معلومات هيئة تنظيم الطاقة التركية EMRA، تحصل البلاد على 27%، من نفطها و17%، من غازها الطبيعي من إيران. لذلك رفض وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو تمديد الحظر. فلا يتم الإملاء على أنقرة مع من تتعامل.
الصين تقاوم أيضا
وينطبق هذا أيضًا على تزكية بومبيو للواردات من المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة للتعويض عن خسائر الاستيراد من إيران. حيث تزود المملكة سدس النفط فقط الذي توفره إيران لتركيا. وقد استوردت أنقرة حوالي 11.5 مليار طن من النفط من إيران في عام 2017، أكثر مما استوردته من أكبر الدول المورِّدة العراق وروسيا معاً. وتعد روسيا أكثر أهمية بالنسبة للغاز، لكن الواردات من إيران ترتفع بشكل أسرع.
والصين مثل تركيا تعارض أيضا تمديد العقوبات. ومن ناحية أخرى، فقد احتجَّت رسمياً على حد تعبير متحدث باسم وزارة الخارجية. حيث تهدد واشنطن الاستقرار في الشرق الأوسط وأسواق الطاقة. ومع ذلك، فمن غير الواضح ما إذا كان هذا السخط مجرد تظاهر. لأنه لم تعلن كل من بكين ولا أنقرة أنها ستتجاوز العقوبات. ولقد فعلت الصين ذلك في الماضي، لكن يبدو أنها تتجنب الآن تسرب النفط إلى نار النزاع التجاري مع واشنطن. وحتى تركيا، التي تعيش أزمة اقتصادية، ليس لديها مصلحة في تصعيد الوضع.
ونتيجة للنزاعات المختلفة مع أميركا، انسحب المستثمرون الدوليون من تركيا العام الماضي مما كان له تأثير كبير على العملة الوطنية؛ حيث فقدت الليرة ما يقرب من 30%، مقابل الدولار. وبعد تعافيها بعض الشيء هذا العام، أصبحت الآن تحت الضغط مرة أخرى.
ويقول ريتشارد جريفيسون، خبير الاقتصاد التركي في معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية WIIW: “تركيا في حالة ركود، والليرة ضعيفة. إن أقل ما تحتاجه البلاد اضطراب جديد في العلاقات مع أميركا، الأمر الذي سيخيف المستثمرين مرة أخرى”.
السعر أكثر أهمية من المصدر
وعلى عكس روسيا لا تستطيع تركيا، التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الواردات، عزل نفسها ضد أية عقوبات أميركية. ومن الممكن أن تحصل أنقرة على النفط من خارج إيران. ومع ذلك، فإن السعر أكثر أهمية من المصدر، في حين يستمر السعر في الارتفاع بسبب العقوبات المفروضة على إيران. حيث كلف برميل (159 لترا) من برنت بحر الشمال 74.43 دولار في التعاملات المبكرة يوم الثلاثاء. لم يكن ذلك لمدة نصف عام تقريبًا.
وتعتبر الزيادة في الأسعار أمرا خطيرا للغاية بالنسبة لأنقرة، لأن البلاد تواجه صعوبة في تغطية عجز الحساب الجاري مع تدفقات رأس المال الأجنبي.
وبالنسبة لألمانيا، فإن تكثيف الصراع ليس له أهمية تُذكر من الناحية الاقتصادية. ففي عام 2018، استوردت ألمانيا بحوالي 116 مليون يورو فقط من النفط الخام والغاز الطبيعي من إيران بحسب إحصائيات المكتب الإحصائي الفيدرالي. أما التجارة في السلع فقد تراجعت منذ نوفمبر الماضي. وفي فبراير، صدَّرت شركات ألمانية بضائع إلى إيران بحوالي 120 مليون يورو – أي أقل بنسبة 42%، عن العام السابق.