هل سيشهد لبنان انفراجات سنة 2023، تساعده على الخروج من النفق المظلم، بعد الأزمة المتعددة الأبعاد وأكثرها تأثيرا في تاريخه الحديث، والتي ساهمت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة وهجرة الشباب، وبدلت مسار حياة اللبنانيين الذين يترقبون بقلق ما سيحمله العام الجديد، بعدما بلغ انهيار عملتهم مستوى صادما مع تجاوز الدولار الواحد عتبة 47 ألفا في الأيام الأخيرة من السنة.
فالأزمة الاقتصادية والمالية، التي يواجهها لبنان منذ نهاية 2019 تعمقت أكثر فأكثر سنة 2022، وبات السؤال عن سعر صرف الدولار جزءا من يوميات اللبنانيين، حتى أمكن القول ان 2022 سنة «الدولار» بامتياز، الأمر الذي أدى الى تدن في سعر صرف الليرة، وتآكل القدرة الشرائية وأضحت الأجور لا تساوي شيئا.
ويصف رئيس الاتحاد العمالي العام د ..بشارة الأسمر ردا على سؤال لـ «الأنباء» سنة 2022 بالكارثية على الطبقة العمالية، والتي اتسمت بانهيار كبير في سعر صرف العملة الوطنية، وبتضخم كبير وبغلاء فاحش وهجرة للأدمغة والفنيين، وبمعدل بطالة يفوق الـ 40% عند الذكور، وفوق 50% عند الإناث، وباندثار الطبقة الوسطى التي أصبحت في حدود 15 الى 20%، والفقراء قاربوا بين 60 و75%.
ووفق دراسة للاتحاد العمالي العام يشرح د.الأسمر ما تحتاج اليه الأسرة شهريا. ويلفت الى أنه منذ أشهر كان الحديث عن 12 مليون ليرة، وعندما تجاوز الدولار 37 ألف ليرة، جرت دراسة أخرى وجدنا أن ما تحتاج اليه الأسرة هو بين 20 و23 مليونا.
ويرى د.الأسمر أنه في ظل العشوائية والفلتان في الأسعار التي تحتسب على دولار يفوق 48 ألفا، فإن الأسرة المؤلفة من خمسة أفراد تحتاج الى 30 مليون ليرة شهريا، 5 ملايين ليرة كهرباء بدل اشتراك 5 امبير، ثم يأتي السكن، والطبابة التي أصبحت على عاتق المواطن بسبب الانحدار الذي أصاب الصناديق الضامنة، يضاف الى ذلك التعليم الجامعي والثانوي الذي أصبح بالدولار، أيضا الاتصالات التي ارتفعت أسعارها، إضافة الى الوقود من أجل التدفئة. والسؤال: هل من قدرة على تحقيق ذلك؟ يبقى هذا برسم سنة 2023.
ويرى د.الأسمر أن المطلوب أولا الاستقرار السياسي الذي يساهم في الاستقرار الاقتصادي، والذهاب نحو اقرار القوانين الإصلاحية التي تحتاج إليها خطة التعافي الاقتصادي، وغير ذلك المزيد من الانهيار.
من جانبه، يشير الباحث في الشأن الاقتصادي زياد ناصر الدين لـ «الأنباء» الى أن 2022 كانت سنة المضاربات بالدولار الأميركي، وضعف القدرة الشرائية، والأرباح المخيفة للتجار على حساب الاقتصاد اللبناني مع غياب تام للحلول النقدية، وعلية فإن الأزمة التي يواجهها لبنان ستستمر في العام المقبل.
ويشير ناصر الدين الى حالة التضخم التي تخطت الـ700% وإلى انهيار الليرة الذي وصل الى 120%، وإلى أزمة المصارف التي ستستمر مع انعدام الثقة بها، والتي كانت الجزء السلبي في ضياع أموال المودعين بالتكافل والتضامن مع المصرف المركزي وبعض الحكومات المتعاقبة التي أمن لها الغطاء السياسي والتقني والقانوني، وهو ما أوصلنا الى ما وصلنا إليه. وعن المعطيات التي من شأنها أن تساهم في تحديد مسار الأزمة واتجاهاتها في العام المقبل، يعتقد ناصر الدين أننا ذاهبون الى سنة مأساوية، وأن الأزمة ستتعمق أكثر إذا استمر الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، واستمر هذا التجاذب السياسي، فالتحديات الاقتصادية والمالية كبيرة وستنسحب على العام الجديد لو بقينا في هذا الوضع الصعب اقتصاديا وماليا.
وفي السياق، يلفت ناصر الدين الى أن مصير الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لن يحصل مادام هناك فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال، وبالتالي سيكون الموضوع صعبا لأنه مطلوب من لبنان تنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها الصندوق، وهذا الأمر يحتاج الى انتظام في السلطة وإلى خطة حكومية وحكومة حقيقية، ودون ذلك لا حلول في الأفق.