بعد إستراحة عطلة الأعياد وعودة الحركة والنشاط إلى ساحة النجمة، ورغم السجالات المفتوحة حول العديد من الملفّات والخلافات السياسية وإستمرار الغموض في ملفّ الاستحقاق الرئاسي الذي ينتظر تحديد موعد جولة جديدة من جلسات الانتخاب الإفتراضية، عاد النقاش مجدّداً إلى مشروع قانون الـ»كابيتال كونترول» بعدما توقّف العام الماضي عند المادة الرابعة منه.
أمس كانت اللجان النيابية المشتركة والنواب العائدون من العطلة، على موعد جديد من النقاش الجدّي والبنّاء، وفق توصيف أكثر من نائب لمواد المشروع، ولا سيّما منها المواد 4 و5 و6 التي تتناول الاستثناءات والقيود وتحديد السقوف للسحوبات.
وعلى الرغم من هذه الأجواء، ومن أنّ تعديلات جذرية تجري على بعض المواد كما حصل في المادة الخامسة، إلا أنّ نواباً وصفوا النقاش بالعقيم، والمشروع بأنّه لزوم ما لا يلزم بعد مرور أكثر من 3 سنوات على الأزمة.
فالنائب مروان حمادة وصف النقاش حول المشروع بالعقيم ويدور في نفس الحلقة المفرغة، معتبراً أنّ المشكلة ليست في القوانين وإقرارها في البلد وإنّما هي سياسية بإمتياز وتتعلّق بدور الدولة وإحترام سيادتها وتنفيذ القوانين وعدم إستباحة الحدود والمطار والمرفأ.
من جهته، رأى النائب ياسين ياسين أنّ المشروع هو لزوم ما لا يلزم وكان يُفترض إقراره منذ بداية الأزمة وما يجري الآن هو بمثابة براءة ذمّة للمصارف التي لم يسألها أحد، هي ومصرف لبنان، عن عملية تذويب الودائع التي حصلت وتستمرّ بشكل تدريجي بينما الجميع يتغنّى بكذبة حماية الودائع التي تتبخّر. والتقى مع ياسين زميله النائب وضّاح الصادق الذي تحدّث عن محاولات لتبرئة ذمّة المصارف من خلال هذا المشروع.
في المقابل، يبدو أنّ الوتيرة التي عاد النقاش فيها وتحديد موعد جلسة اللجان يوم الإثنين المقبل، يؤشّران أيضاً إلى المسار الطويل الذي ينتظر هذا المشروع بالتزامن مع إنطلاقة النقاش في المشاريع المواكبة له، وخصوصاً منها المتعلّق بإعادة هيكلة المصارف والتوازن المالي الذي ستبدأ لجنة المال والموازنة النيابية بمناقشته الثلاثاء المقبل.
بو صعب والأمل بالخروج من الأزمة
وقال نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب بعد جلسة اللجان: «تابعنا درس مشروع قانون الـ»كابيتال كونترول» وأقرّينا المادتين الخامسة والسادسة من المشروع، وجرى تغيير كبير في القانون وكانت هناك ملاحظات عليه، كان هناك ما يسمى «صيرفة»، ونحن لا نريد أن نشرّع «صيرفة» أو غيرها وصار هناك إعتماد بالسعر الفعلي وفقاً لقانون النقد والتسليف، أما المادة السادسة فتتعلق بالسحب، وبدل أن نضع السقف الأعلى وضعنا السقف الأدنى أي أن يسحب المواطن بالحدّ الأدنى 800 دولار وتركنا للجنة أن تراجع الموضوع وفق تطور الأوضاع الإقتصادية والمعيشية للمواطنين، من أجل أن نتدرّج بالمبلغ».
ولفت بو صعب إلى أنّ «الأمر يتطلّب خطّة متكاملة، من التوازن المالي إلى هيكلة المصارف، وستبدأ لجنة المال بمناقشة هذه القوانين وتحدّد الخسائر، وهذه القوانين تشكّل خشبة الخلاص لإقتصاد لبنان».
وللتذكير، فإنّ جلسة اللجان التي عقدت في 12 كانون الأول من العام الماضي كانت توقفت عند المادة الرابعة المتعلّقة بتعريف الأموال بين الجديدة والقديمة وكذلك الإستثناءات بالنسبة للتحويلات المتعلّقة بالتعليم والطبابة، ولكن الأهمّ كان ما قاله بو صعب حينها عن الإتفاق بعد إقرار الـ»كابيتال كونترول» في اللجان المشتركة بأنّه سيوضع جانباً لمناقشة القوانين ذات الصلة والتي لها علاقة بإعادة هيكلة المصارف وغيرها،على أمل أن تصبح لدينا حكومة تشرف على تنفيذ كلّ هذه القوانين، وتقرّ عندئذ في الهيئة العامة مع بعضها البعض.
وفي جلسة 13 كانون الأول تمّ تثبيت الإستثناءات وحصر التحويلات إلى الخارج بالأمور المتعلقة بالطبابة الخارجية (العمليات الإستشفائية التي يتعذّر إجراؤها في لبنان) وموضوع الطلّاب المسجّلين في الجامعات خارج لبنان.
في الخلاصة، يبدو واضحاً أنّ النواب يحاولون القيام بواجبهم التشريعي مع بداية العام الجديد في محاولة منهم للإيحاء بأنّهم يقومون بدورهم، ولكن ما بين الكلمات والمواقف المعلنة وغير المعلنة، هناك من يُعطل ويُعرقل إمكانية أن يلتئم مجلس النواب في هيئته العامة للقيام بدوره، إن كان على صعيد إنتخاب رئيس للجمهورية أو لدرس وإقرار مشاريع وإقتراحات قوانين مهمّة وحيوية للناس، ولكلّ فريق تبريراته وحججه التي يسوّقها للتعطيل.