أقل من أسبوع يفصل إيران عن الثاني من أيار، الموعد الذي حددته إدارة الرئيس دونالد ترامب لوقف الاعفاءات التي قدمتها لثماني دول تستورد النفط الايراني. ثلاث من الدول المعفية أوقفت منذ 6 أشهر نهائياً شراء النفط منها تجنّباً للعقوبات التي ستبلغ أوجها الاسبوع المقبل في ضربة موجعة للاقتصاد الايراني، يطمح من خلالها ترامب لوضع الدولة الفارسية أمام خيارين، تصفير الصادرات أو التفاوض.
علما أن تصفير الصادرات لن يكون بالمهمة السهلة، خصوصا وأن له انعكاسات على أسعار النفط العالمية، ما دفع كلاً من السعودية والامارات الى الاعلان عن توفير بدائل للنفط الخام الإيراني تلبية للطلب العالمي. في المقابل لم تتأخر إيران وكعادتها في شهر سلاح إغلاق مضيق هرمز، مشددة على أن لن يكون بمقدور واشنطن وقف صادراتها، معوّلة على دعم شركائها التجاريين وتحديدا تركيا والصين اللتين رفضتا “الاملاءات الاميركية”، إضافة الى أساليب المناورة التي تعتمدها كالتصدير الى الصين ومنها الى باقي الدول الآسيوية، او إطفاء رادرات ناقلاتها.
البروفسور جاسم عجاقة أشار عبر “المركزية” الى أن “سوق النفط، متوازن بدقة كبيرة ومعقد، وتكفي هزة صغيرة لتزعزع استقراره. ومع أن دول الاوبك لا تضم اكثرية الدول المصدرة للنفط، إلا انها تغطي ثلث طلب السوق وتعتبر بيضة قبان الاسعار العالمية”، مشيرا الى أن “على رغم ان وزن إيران في الاوبك ليس كبيرا، ولكن أي خلل في صادراتها سيكون له انعكاس كبير على الاسعار العالمية الامر الذي يتطلب تضافر الجهود لسد النقص منعا لارتفاع الاسعار، من هنا جاء طرح السعودية والامارات”.
وأوضح أن “عدم تجديد ترامب الاستثناءات للدول الثماني، سيؤدي الى خفض كمية البترول في السوق، أي أن الاسعار سترتفع، على أن تقوم الدولتان الخليجيتان بالتعويض، ولكن مهما بلغت القدرات الانتاجية للمملكة، لن يكون بمقدورها مع الامارات سد نقص يتجاوز ال 2.5 مليون برميل نفط يوميا. من هنا تبرز الاعتبارات الجيواستراتيجية لاميركا في كل من ليبيا والجزائر الدولتين النفطيتين، خصوصا في ظل الازمة الفنزويلية-الاميركية. من هنا، فإن الازمات التي تطوق هذه البلدان سيكون لها انعكاس على انتاجها ولن يكون بمقدور العالم تجنب ارتفاع الزامي وهيكلي في الاسعار حتى لو تضافرت الجهود”.
وقال إن “تصفير صادرات إيران النفطية لن يكون بالامر السهل، في ظل سياسة الالتفاف التي تنتهجها والدعم الذي تحظى به من كبرى الدول المستهلكة لنفطها كالصين وتركيا”.
وأوضح أن “في العام 2013، ورغم أن العقوبات على طهران كانت في أوجها، استمرت إيران في التصدير بواسطة شركات آسيوية، على رغم الكلفة المرتفعة التي تكبدتها. كذلك فإن تركيا واصلت استيراد النفط الإيراني، وأصبح التبادل التجاري بين البلدين ثلاثة أضعاف الفترة الماضية. ولكن رغم كل ذلك، لا مفر من أن يتكبد الاقتصاد الايراني خسائر كبيرة، فجذب تلك الدول للتعامل مع إيران سيكون من خلال تخفيض الاسعار نسبة لسعر السوق”.
ولفت الى أن “التعويل على الاتفاقات التجارية بين ايران وكل من سوريا والعراق، ليس في محله، فسوريا غير قادرة على تأمين العملة الصعبة لتدفعها لطهران، والعراق يتجنب الدخول في مواجهة مع الاميركيين”.
ولفت الى أن “في حال انخفاض سعر النفط تخسر الدول المصدرة ويرتاح اقتصاد اميركا. أما في حال ارتفاعه فتربح الدول المصدرة والشركات النفطية الاميركية التي تنقب عن النفط الصخري ويتأذى الاقتصاد الاميركي. ويبقى السؤال هل سترتفع اسعار النفط الى مستوى تصبح خلاله أميركا بواسطة نفطها الصخري هي التي تلبّي حاجات السوق ولا تكون في حاجة الى الدول الخليجية؟”.
وحول احتمال اقدام إيران على اقفال مضيق هرمز، قال “إقفال المضيق سيشعل حربا، وكل من أميركا وايران ليستا في هذا الوارد، فهما حريصتان على حصر النزاع في نطاقه الاقتصادي”.