لا صوت يعلو على صوت المودعين والموظفين والمواطنين القلقين والمتوجّسين من ذهاب المصارف إلى تنفيذ تهديدها بالإقفال التام خلال أيام معدودة، ومن دون أن يكون في يدهم أية حيلة أو وسيلة لمواجهة الأخطار والنتائج الكارثية المترتبة عن هذا الإقفال، والذي لا يبدو أن هناك ترقّباً أو استعداداً له أو حتى اهتمام من قبل أي جهة مسؤولة ومعنية بالواقع النقدي والمصرفي، وكأن سيناريو الإقفال والفوضى المالية “مفتعل” أو مقصود.
ومع اقتراب العدّ العكسي لموعد الإقفال الذي يتأكد يوماً بعد يوم في ضوء استمرار الإضراب وغياب التحركات، لا تخفي مصادر إقتصادية مواكبة، خشيتها من نهاية سوداوية للإضراب، وهي الإقفال التام، مشيرةً إلى أن تداعيات “كارثية” على أكثر من مستوى، وليس أقلّها الفوضى المالية، نتيجة تهديد معيشة كل اللبنانيين من دون استثناء.
وتتحدث المصادر الإقتصادية المواكبة ل”ليبانون ديبايت”، عن السيناريو الكارثي لإقفال المصارف، موضحةً أنه يتضمّن أكثر من نتيجة مباشرة على المواطن، كما على الدولة ومؤسساتها، حيث أن الرواتب والودائع والتحويلات من الخارج والإستيراد على أنواعه ستتوقف، بمعنى أن الغذاء والدواء والمحروقات ستكون خاضعة للإحتكار، بينما سعر الدولار سيحلّق ليصل سقوفاً جديدة غير مسبوقة.
وتشدّد المصادر، على أن معالجة الأزمة المصرفية، والتي لم تبدأ بعد، تتطلّب تسويةً على طريقة “لا غالب ولا مغلوب”، لأن الإستمرار بلغة التحدي من الأطراف المعنية، ومن دون أي حساب للإحتمالات السلبية، سيؤدي إلى انهيارٍ مالي، ولكن بنسخة جديدة. وبالتالي، فإن خارطة طريق تفادي هذا السيناريو، تفترض اعتماد الخطوات الآتية:
أولاً، التروّي من قبل المصارف والسلطة القضائية والسلطة السياسية، لأن تجميد الخدمات المصرفية سيصيب كل هذه الأطراف، إلاّ إذا كان أي طرف منها يريد التصعيد والفوضى على قاعدة “إذا ما كبرت ما بتصغر”.
ثانياً، صياغة حلٍ يأخذ في الإعتبار مصلحة المواطن بالدرجة الأولى، فالمشكلة لن تحلّ من تلقاء نفسها، بل تتطلّب التعاون لتفادي الفوضى التي ستطيح بالإستقرار العام وبحياة اللبنانيين على كل المستويات، لأن العجلة الإقتصادية ستتوقف في البلاد، والمستشفيات ستتعطّل عن العمل بسبب عدم انقطاع المحروقات والمؤسسات ستغلق أبوابها.
ورداً على سؤال، عن تسجيل مثل هذا السيناريو الكارثي في أية دولة أخرى، تقول المصادر الإقتصادية، إن العراق قد واجه هذا الواقع عندما انهارت الدولة العراقية بالكامل، وباتت دولة أخرى تقوم باستيراد السلع للسوق العراقية، ولكن ليس لدى لبنان أي دولة تقوم بهذا الدور.
وعن الفترة الزمنية التي سيستغرقها الوصول إلى سيناريو الفوضى بعد الإقفال، لا تتوقع المصادر، أن تطول لأكثر من يومين أو ثلاثة على أبعد تقدير.