عقدت الهيئات الاقتصاديّة اجتماعاً طارئاً برئاسة رئيسها الوزير السّابق محمد شقير وفي حضور الأعضاء في مقرّ غرفة بيروت وجبل لبنان، ناقشت خلاله التّطورات الدراماتيكيّة الحاصلة في البلاد، لا سيّما التّدهور المخيف والخطر في ما يتعلّق بالشقّ النقديّ والإقتصاديّ والمالي والاجتماعي.
وبعد نقاشٍ مطوّل، تمّ في خلاله التباحث بالعمق في مختلف الأمور المطروحة، وخصوصاً موضوع الرفع المفاجئ للدولار الجمركي من دون التشاوُر مع الهيئات الاقتصادية، وانعكاساته على شتّى المستويات، أصدرت الهيئات الاقتصادية بياناً، اعتبرت فيه أنّ “هذا القرار هو بمثابة إطلاق رصاصة الرّحمة على القطاع الاقتصاديّ الشرعيّ الذي ينازع من أجل البقاء، وإطلاق العنان للاقتصاد “الأسود” وللتهريب والتزوير”.
وطلبت الهيئات الاقتصاديّة وبإلحاح، “تعليق العمل بهذا القرار وإعطاء فرصةٍ لدراسته من جديدٍ بشكلٍ معمّق وعلميّ، كي لا تأتيَ مفاعيله “مدمرة” على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، خصوصا أنه حتّى الآن لم يجفّ حبر القرار الأول برفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة الى 15 ألف ليرة”.
وأشار البيان إلى أنّ “الهيئات الاقتصاديّة في مختلف مواقفها، لا سيما خلال سنوات الأزمة الاقتصادية، كانت ولا تزال في طليعة المُطالبين بضرورة إنصاف القطاع العام والأسلاك العسكريّة والأمنيّة، لرفع الظلم الكبير اللاحق بهم جرّاء تآكل أجورهم، ولأنها أيضاً تعي حقيقة أهميّة القطاع العام الذي يشكّل المحرّك الأساسيّ للدولة برمتها”.
إلا أنّ الهيئات “حذرت في الوقت نفسه من أن زيادة إيرادات الدولة بشكل اعتباطيّ، لزيادة مداخيل العاملين في القطاع العام، عبرَ زيادة الرسوم الجمركية لن يؤدي الى النتائج المرجوة منه، إنما سيزيد من حدة الازمة الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم، الذي سينتج عن طبع مزيدٍ من الليرات، وكذلك غلاء الأسعار الذي يصيب بشظاياه أصحاب الدخل المحدود والعاطلين عن العمل وجميع اللبنانيين”.
واعلنت “رفضها المطلق لأي قرارات مجتزأة في عزّ الازمة الاقتصادية، لأن ذلك يجافي المنطق الاقتصادي، وسيؤدي حتماً كما خبِرنا في سنوات الأزمة الى مزيدٍ من الانهيارات وإلى ازمات متعددة الأوجه”.
ولفتت إلى أنّه “ومن أجل زيادة إيرادات الدولة على السلطة قبل زيادة الدولار الجمركيّ، تحصيل مبالغ طائلة من الرسوم المستحقّة والتي يمكن جبايتها من “الميكانيك” والدوائر العقارية، المعطلة والمقفلة، وإصدار الطوابع الأميرية، وغير ذلك الكثير”.
وشددت على “ضرورة أن تأتي هذه القرارات من ضمن رؤية اقتصادية وإصلاحية شاملة وخطة تعافي موثوق بها، على ان يكون من ضمنها أولا تنفيذ برنامج للحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة، كي لا تكون عرضة لدفع أثمان لا طاقة لها على تحملها، واتخاذ التدابير الناجعة والآيلة الى تهدئة سعر صرف الدولار حماية لقدرة اللبنانيين الشرائية”.
وإذ كشفت الهيئات الاقتصادية أنها “بصدد القيام بتحرك سريع للمرجعيات في الدولة اللبنانية لمناقشة هذا الموضوع الاساسي بكل حيثياته وتداعياته الخطرة”، اعلنت أنها “ستترك اجتماعاتها مفتوحة لمتابعة تطورات الأمور واتخاذ المواقف المناسبة منها”