تغيّرت الأحداث كثيراً في لبنان وتسارعت منذ العام 2019 تاريخ بدء الازمة وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، ذاك الوضع قلب الأمور رأساً على عقب وغيّر حياة الناس بشكل كبير وفاقم الأوضاع داخل المؤسسات وحكماً أثّر على العجلة الاقتصادية في البلاد.
منذ قرابة السنتين كان يُمكن تغيير الاحتساب ما بين دولار يوازي 1500 ليرة ودولار يوازي 40 الف ليرة مثلاً، فبعض المؤسسات لجأت الى دفع نصف راتب أو أكثر، ولكن اليوم بدأت الحياة تعود الى ما كانت عليه قبل الازمة، كلّ شيء على الدولار وحتى العامل بات يحتاج الى أكثر ممّا كان يتقاضاه في السابق بالدولار ليستمرّ والمشكلة العالقة لا تزال هي في الحدّ الادنى للأجور.
في آخر إجتماع بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصاديّة ولجنة المؤشر جرى التباحث في الحدّ الأدنى للأجور للقطاع الخاص، أجمع المتباحثون أن الارقام التي يتم تدارسها والـ9 ملايين ليرة كحدّ أدنى للأجور إضافة الى 250 ألف ليرة يومياً الهدف منها فقط إدخال ايرادات الى الضمان الاجتماعي لا أكثر ولا أقل. ويجزم نائب رئيس الاتحاد العمالي العام علي فقيه عبر “النشرة” أن “الجزء الاكبر من المؤسّسات الخاصة تجاوز هذه الارقام بكثير ويدفع الى جانبها بالدولار “الفريش”، مؤكدا أننا “بالمبالغ التي نتحدث عنها ايّ 9 ملايين ليرة والنقل نصل الى 15 مليون ليرة لا نصحح أبدا الأجور بل فقط نغذّي الضمان”.
“نعمل فقط على قاعدة “الترقيع” في هذه الاثناء، هذا ما يؤكده فقيه، لافتا الى أنّه إذا “أردنا المقارنة بالسابق الحد الادنى للأجور كان 675 الف و250 الف ليرة بدل نقل نصل الى 600 دولار اليوم هذا المبلغ يوازي 60 مليون ليرة”. بدوره الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين والذي شارك في لجنة المؤشر يجزم أن “لا أحد في البلاد يتقاضى 9 ملايين ليرة فقط، فمثلا النادل في المطعم أصبح راتبهحوالي 25 مليون ليرة هذا عدا البقشيش، ولكن المفارقة أن صاحب المطعم بات ملزما بتسجيل 9 ملايين في الضمان بينما كان في السابق مليون و500 الف ليرة”.
يعود شمس ليتحدث عن الحدّ الادنى للعيش، ويشير الى أننا “أجرينا دراسة لعائلة من أربعة أشخاص،فهي تحتاج أقلّه الى حدّ أدنى للأجور 39 مليون ليرة للعيش (15 مليون كلفة السلّة الغذائية، 5 ملايين ليرة للكهرباء، النقل 3 ملايين، ثياب مليونان…) لتصل الكلفة بالحدّ الادنى الى 77 مليون ليرة إذا باستثناء الطبابة”.
إذاً، فيما يتدارس المعنيون موضوع رفع الحد الادنى للأجور الّذي بات كالفتات، يبقى أن أحدًافي الجمهوريّة اللبنانية لم يعد يتقاضى الفتات الا في بعض المؤسّسات الّتي يعيش أصحابها أحلام الـ1500 ليرة، لأنّ هكذا رواتب لا تعيل والأمور باتت أكثر كلفة من السابق،فيما عمدت الكثير من المؤسسات الخاصّة الى دَوْلَرَة الرواتب كما كانت قبل الأزمة على أن تُصحّحها وتزيد عليها لتصبح مناسبة للظرف الّذي يمرّ به لبنان لا سيّما وأنّها بحدّ ذاتها تتقاضى من زبائنها بالعملة الخضراء، ولكن يبقى أن الترقيعات التي يقوم بها المسؤولون تأمين المزيد من الايرادات للضمان الاجتماعي ليستمرّ.