قمة دولية في باريس تبحث آفاق تنظيف صناعة البلاستيك

بدأ ممثلون لأكثر من 175 دولة ذات طموحات متباينة أمس الاثنين نقاشات في العاصمة الفرنسية باريس خلال الدورة الثانية للجنة التفاوض الدولية، التي تستمر خمسة أيام، في محاولة للتوصل إلى اتفاق تاريخي يغطي دورة الحياة البلاستيكية برمّتها.

وستحضر المناقشات التي تُلتأم في مقر اليونسكو المنظمات غير الحكومية، فضلا عن ممثلي شركات القطاع، وهو أمر تأسّف له ناشطون في الدفاع عن البيئة.

وعشية القمة برز جدل بين الدول التي تريد الحد من إنتاج المزيد من البلاستيك من جهة، وصناعة البتروكيماويات، التي تفضل إعادة التدوير كحل للنفايات البلاستيكية من جهة أخرى.

وتقول عدّة حكومات إن هدف المعاهدة يجب أن يكون “القابلية لإعادة الاستخدام” أو إبقاء المنتجات البلاستيكية الموجودة بالفعل نافعة للاستخدام لأطول فترة ممكنة.

وأصدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الذي يستضيف المحادثات، خطة نشرها في وقت سابق هذا الشهر لتقليل مخلفات البلاستيك بنسبة 80 في المئة بحلول عام 2040.

وحدد البرنامج في التقرير الذي رصد 13 ألف مادة كيميائية مرتبطة بإنتاج البلاستيك، من بينها أكثر من ثلاثة آلاف مادة توصف بأنها خطرة، ثلاثة محاور تحرك رئيسية تتمثل في إعادة الاستخدام وإعادة التدوير واعتماد عمليات التغليف على مواد بديلة للبلاستيك.

وانتقدت بعض الجماعات المعنية بالدفاع عن البيئة التقرير لتركيزه على إدارة المخلفات، إذ اعتبرت ذلك استسلاما للضغط الذي تمارسه شركات تصنيع البلاستيك والبتروكيماويات.

وقالت تيريز كارلسون، المستشارة العلمية للشبكة الدولية للقضاء على الملوثات، إن “الحلول الحقيقية لأزمة البلاستيك ستتطلب وضع ضوابط عالمية على المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع البلاستيك وتخفيض إنتاج البلاستيك بقدر كبير”.

وردت إنجر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، على هذا الموقف وقالت لرويترز إن “انتقاد تركيز التقرير على إعادة التدوير تجاهل التوصيات الأشمل التي وردت فيه وتتعلق بإصلاح منظومة التغليف”.

وتابعت “نتحدث عن إعادة التصميم، وعندما نتحدث عن ذلك فإننا نتحدث عن كل ما يلزم لتقليل استخدام البلاستيك، ومن هنا يبدأ الأمر”.

وفي الجولة الأولى من المحادثات خلال نوفمبر الماضي في أورغواي حددت الدول المشاركة موعدا نهائيا طموحا للتوصل إلى معاهدة ملزمة قانونا في ظرف عام.

وحتى الآن لم تقرر الوفود ما يجب أن تكون عليه الأهداف المحورية للمعاهدة، بما في ذلك إمكانية حظر بعض أنواع البلاستيك وطرق تحسين إدارة المخلفات.

ولم تتوصل الدول أيضا إلى حل لمسائل أساسية مثل سبل تمويل تلك السياسات، إضافة إلى كيفية تطبيقها ومتابعتها ورفع تقارير عنها.

وقبل أكثر من عام بقليل تم التوصل في نيروبي عاصمة كينيا إلى اتفاق مبدئي على وضع حد للتلوث البلاستيكي في العالم، مع طموح بإبرام معاهدة ملزمة قانونا بحلول نهاية 2024 تحت رعاية الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق نظّمت فرنسا السبت الماضي اجتماعا مع وزراء وممثلي حوالي 60 بلدا في باريس من أجل إعطاء دفعة للمفاوضات.

وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا “إذا لم نتحرك فسيكون هناك بحلول 2050 بلاستيك أكثر من الأسماك في المحيطات”.

وبدوره قال وزير التحول البيئي كريستوف بيشو “مكافحة التلوث البلاستيكي تعني تسهيل حياتنا لمكافحة تغير المناخ وبالتالي الحفاظ على محيطاتنا وتنوعنا البيولوجي”.

ويدخل البلاستيك المشتق من النفط في تركيبة كل شيء تقريبا كالأغلفة وألياف الملابس ومواد البناء والأدوات الطبية وغيرها.

وازداد إنتاجه السنوي بأكثر من الضعف خلال عشرين عاما ليصل إلى 460 مليون طن، وقد يزداد ثلاثة أضعاف بحلول 2060 إذا لم يتخذ العالم تدابير حيال ذلك.

ورصدت لدائن بلاستيكية دقيقة في الدم وفي حليب الأم وحتى في المشيمة. وما يزيد الوضع خطورة أن ثلثي هذا الإنتاج يرمى في النفايات بعد استخدامه لمرة أو أكثر، وأن أقل من 10 في المئة من المخلفات البلاستيكية تخضع لإعادة التدوير.

وينتهي الأمر بكمية كبيرة من هذه المخلفات من كل الأحجام في قعر البحار أو في الكتل الجليدية وصولا إلى قمم الجبال، وحتى في أحشاء الطيور.

ويطرح البلاستيك أيضا مشكلة لدوره في ظاهرة احترار المناخ، فقد مثّل 1.8 مليار طن من غازات الدفيئة في 2019، أي 3.3 في المئة من الانبعاثات العالمية، وهو رقم يمكن أن يزيد عن الضعف بحلول 2060 وفقا لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.

وحذّر بيشو من أنه “يجب أن نكون حريصين على ألا تحل مسألة إعادة التدوير مكان الجدل حول الحد من إنتاج البلاستيك”.

Thumbnail

وصرّحت المسؤولة في منظمة سورفرايدر فاونديشن غير الحكومية ديان بوميناي – جوانيه لفرانس برس بأن “هناك إجماعا حول التحديات ورغبة في التحرك”.

وأضافت أنها “متفائلة بشأن حقيقة أننا نمضي قدما باتجاه إعداد مسودة معاهدة”، لكنها اعتبرت أن “المحتوى المحدّد للالتزامات سيكون معقدا، خصوصا في ما يتعلّق بخفض الإنتاج”.

والهدف من خفض الإنتاج، وهو مطلب مدعوم من “ائتلاف الطموح الكبير” بقيادة رواندا والنرويج، والذي يشمل حوالي 50 بلدا بما فيها الاتحاد الأوروبي وكندا وتشيلي واليابان، “إنهاء التلوث البلاستيكي بحلول عام 2040”.

لكنْ هناك دول أخرى أكثر ترددا، وتصر على إعادة التدوير وإدارة النفايات بشكل أفضل، ومن بينها الصين والولايات المتحدة والسعودية ودول تحالف أوبك عموما التي تريد حماية صناعة البتروكيماويات.

وستتطرّق المناقشات أيضا إلى العلاقات بين الشمال والجنوب، مع تحديات مثل “مساعدات التنمية وتشارك التكنولوجيا والتمويل”، حسب ما أكدته بوميناي – جوانيه.

وقالت إن “البلدان المتقدمة هي الأكثر استهلاكا للبلاستيك والأكثر تلويثا، وهي أيضا تلك التي تنتج في بلدان أخرى وترسل نفاياتها إلى بلدان أخرى”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالصين تدرس تقديم حوافز جديدة للشركات
المقالة القادمةعدم اليقين الاقتصادي يدفع اللبنانيين إلى التحوط بالذهب